يضطرّ الإنسان وفي أحيانٍ كثيرةٍ إلى التّعامل مع أناسٍ لا يحبّهم أو يكرههم ، فالحياة بتركيبتها الإجتماعيّة تقوم على سنّة تسخير البشر بعضهم لبعض ، فالإنسان لا يستغني عن أخيه الإنسان مهما كان ، فالبائع يحتاج إلى من يزوّده بالبضاعة من التّجار ، والذي يزوّد البائع يحتاج إلى التّاجر الذي يستورد البضاعة من مصدرها ، وكلّهم يحتاجون إلى جهود الحكومة التي تيسّر لهم استيراد البضائع وفتح المحلات وترخيصها وغير ذلك من الأمور ، فالحياة إذن مركبٌ تجتمع فيه صنوف النّاس على اختلافهم ، ولا بدّ للنّاس الذين يركبون هذا المركب أن يتعاونوا فيما بينهم مهما تآلفت قلبوهم أو تنافرت حتّى يسير مركب هذه الحياة ماخراً عباب المسؤوليات والتّحديات المختلفة ، ويتساءل الكثير من النّاس عن طريقة التّعامل مع إنسان تكرهه ، وتعرف على ما هى الطريقة الأنسب لتحقيق التّفاهم معه حتى تسير عجلة الحياة ، وإلى من يتساءل عن تحقيق ذلك نقول له
أن يضطلع الإنسان على شخصيّة من يكرهه وأن يتعرف على سماتها وخصائصها حتى يتبيّن له المواطن التي يمكن أن يجتمع معه فيها ، فكلّ إنسانٍ لا بدّ وأن يشترك في صفاتٍ معينةٍ مع الكثير من النّاس مهما اختلف معهم ، وإن بذرة الخير تكون في جميع النّاس ولكن بعض النّاس تغلب عليهم سمة الشّر والأذى ، والفطن الذّكي من النّاس هو من يتلمّس مواطن الخير فيمن يكرهه ومواطن التّوافق والائتلاف وبالتّالي يحقّق أكبر قدرٍ ممكنٍ من التّوافق ويقلّل من ما هى اسباب الأختلاف ما أمكن ، فالإنسان حين يدرك أنّ من يكرهه يحبّ مثلاً السّعي بين النّاس في الخير وتفريج الكروب عليه أن يعزّز هذا الجانب في علاقته به ، فحين يلتقيه يذكر له قصصاً عن أعمال الخير التي يفعلها النّاس وبالتّالي تتوثّق العلاقة فيما بينهم ، أو أن يرى ذوقه في الأكل وما يحبه فيأتيه يوماً بما يحبّه حتّى يتقرّب إليه بهذا الفعل وبالتّالي تتجسّر الهوّة بينهم وتقلّ الكراهية .
وعلى الإنسان أن يدرك بأنّ من يكرهه يوماً قد يكون محبّاً له يوماً من الأيام ، فالقلوب تتغيّر وتتقلّب باستمرار ، وبالتّالي لا ييأس الإنسان من التّعامل مع إنسان يكره فقد تعلّمه الأيام وتغيّره وقد يرى من حسن العشرة والتّعامل ما قد يغيّر طبيعته ، كما أنّ للهديّة تأثيرٌ عجيبٌ في نفوس النّاس حيث تتحابّ النّفوس وتتآلف .