إنّ الإنسان وخلال رحلته للوصول إلى إرضاء الله تعالى وإلى الجنة التي أعدها الله لمن يسيرون على صراط الله المستقيم، لا بد أن يقع في لمعصية في بعض الأحيان، فقد تتملك الإنسان في بعض الأحيان الشهوات أو وسوسات الشيطان الذي توعدّ بأن يفتن الإنسان إلى قيام الساعة، أو أن يقع الإنسان لبعض النزوات والتي قد تطول أو تقصر قد تكون كبيرة أو صغيرة، ولكن الله عز وجل لم يترك الإنسان ليحارب هذه الشهوات وليحارب الشيطان لوحده فهو عز وجل الرحيم بعباده وهو أعلم بطبيعتهم التي تميل إلى الخطأ إلّا من آمن بالله، فلا أحد منزّه عن الخطأ سوى الأنبياء عليهم سلام الله وصلواته، ولذلك جعل الله عز وجل لمن زلّ عن الطريق الصحيح وحاد عنه الاستغفار الذي يقوّم الإنسان ويعيده إلى الطريق الصحيح الذي كان سائراً عليه أو الذي سيسير عليه.
فللاستغفار فوائد كبيرة وأهمية وفائدة كبيرة في حياة المسلم، ولولا ذلك لما كان اسم الله الغفور ولا كان اسم الله الغفار، ففي اسمي الله عز وجل الغفور والغفار صيغة مبالغة، وهذا يدل على أنّ الله عز وجل يغفر الذنوب مهما كبرت، فمهما كبرت ذنوب العبد إلّا أنّها تنتهي في نهاية المطاف إلى حدٍّ معين لا تتجاوزه، أمّا مغفرة الله عز وجل فهي لا نهائية ولا حدود لها فرحمته وسعت كل شيء.
والمغفرة من الأمور التي جعل فيها الله عز وجل العديد من الأسرار، فمع محوها للذنوب والخطايا وإعادة تقويم سلوك الفرد إلى الطريق الصحيح، فإنّ الإنسان المسلم يجد في المغفرة راحة في صدره وانشراحاً في قلبه وسموّاً في نفسه، فعندما يستغفر الإنسان يعلم أن الله عز وجل هو الغفور الرحيم ويعلم أن الله عز وجل يقبل التوبة مهمّا كان عظم الذنب، فلذلك يستريح صدره قليلاً ويمتنع عن الذنب أكثر لعلمه أنّ الله عز وجل يغفر الذنوب ويستر العيوب فكيف لك أن تعصيه، فالإنسان يستحي من الإنسان الآخر عندما يسامحه في ذنب أذنبه في حقّه ويصبح كالخاتم في إصبعه، فكيف عنما يعلم أن الله تعالى غفر له حتى كبائر الذنوب بعد رجوعه إليه عز وجل، فيستحي بذلك الإنسان أن يعود إلى الذنب مرة أخرى.
كما أنّ في الاستغفاري فوائد عظيمة أخرى فهو يبعد العذاب عن الإنسان ويستر الذنوب والخطايا التي يخطؤها، كما أنّ الاستغفار يزيد من قوة المسلم أو المجتمع الإسلامي ويبعث برحمة الله عز وجل على البشر فكما قال الله عز وجل في كتابه الحكيم:" وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إلى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ".