يعيش الإنسان في هذه الحياة التي خلقها عليه الله عز وجل من أجل العديد من أجل أهداف يقوم بوضعها في نفسه والتي يكون أسماها نيل رضا الله عز وجل، ولكن خلال مسيرته في الحياة يواجه الإنسان العديد من الصعوبات والمتاعب التي لا يستطيع حلّها باستخدام قوته او ذكائه أو قدراته ومهاراته مهما كانت هذه المهارات على مستوىً رفيع من التميز والإبداع، فيحتاج بذلك إلى قوةٍ عظمى تساعده على الانتهاء والتخلص من هذه المشاكل وعيوب والعوائق التي تواجهه، وإنّ احسن وأفضل قوة يلجأ إليها الإنسان على الدوام ليست قوة أصحاب السلطة أو قوة الأموال ولا حتى الدول، بل يلجأ الشخص الذكي إلى الله عز وجل على الدوام فلا أكبر ولا أجل ولا أعظم من الله عز وجل.
ويستطيع الإنسان على الدّوام الوصول إلى الله عز وجل أينما كان وفي اى وقت أراد بأن يتوجّه إليه بالدعاء بقلب صادق مؤمنٍ بأنّ الأمر كلّه بيده فهو الأول فليس قبله شيء وهو القوي وهو ملك الملوك والرحيم بعباده الذين خلقهم عز وجل فرحمته وسعت كل شيء، ويتوجه العبد إلى الله عز وجل بالدعاء حيثما كان بناءً على ما يتقنه من الكلام فليس من الضروري أن يترك الإنسان الدعاء وأن يطلب من الآخرين أن يقوموا بالدعاء له ظناً منّه أن الله عز وجل سيستجيب دعاءهم أكثر منّه لإجادتهم فنّ الكلام وإحاطتهم بما لم يحط به من العلم الذي يساعدهم على ذلك، فإنّ الأمر الأهم عند التوجه إلى الله عز وجل بالدعاء هو أني يكون الدعاء من قلب مخلص لله عز وجل ومتوكلاً عليه وحده، فيدعوه بلغته وبطريقته في الكلام ويختار من الألفاظ أحسنها على قدر استطاعته، فلا يكلف الله عز وجل نفساً إلّا وسعها.
ولا احسن وأفضل من أن يدعو الإنسان الله عز وجل بما كان يدعوه به حبيبه محمد صلى الله عليه وسلم وأن يدعوه بأسمائه الحسنى، ومن بعد ذلك نقرأ كيف كان يدعو الصحابة رضوان الله عليهم وأشهرهم الله عز وجل وكيف كانوا يتقربون إليه في الدعاء باحسن وأفضل الكلام وأحسنّه، وبالأمر الأهم والذي هو القلب الممتلئ بحبّه وإجلاله، كما يفضل الدعاء أثناء السجود إذ إنّه في السجود يكون العبد أقرب شيء إلى الله عز وجل، ويفضل دعاء الإنسان لأخيه فهو أسرع ما يستجاب من الدعاء والدعاء في باطن الغيب فهو أخلص ما يكون من الدعاء، ولا يعني الإتكال على الله ودعاؤه التراخي والتواكل فهذا لم يكن من طبع الرسول ولا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ولا الصحابة الكرام من بعده، بل يأتي الدعاء مقترناً بالعمل، فلا فائدة من الدعاء في حين كان الإنسان محاطاً بالكسل فالمعجات لا تحصل إلّا مع من يعملون بجدً ويتوكلون على الله عز وجل أثناء ذلك.