من أسماء الله تعالى الحسنى ، و صفاته التي وصف بها نفسه ، أنه الحق المطلق الذي لا يعترضه و لا يأتيه الباطل و لا يعرفه ، و لقد عرض الله تعالى نفسه على انه نصير كل مظلوم وعلى أنه من يقف إلى جانب المستضعفين و المضطهدين . لهذا فمن اقترب من الله تعالى لم يعرف قلبه الظلم ، فالظلم و معرفة الله لا يجتمعان في قلب العبد المؤمن بالله تعالى الموحد به ، الذي يعمل كل ما بوسعه طلباً و طمعاً في رضا الله تعالى عنه و في تسديد خطاه و توفيقه.
و لما كان الله تعالى هو نصير المستضعفين و المسحوقين و المظلومين كان لزاماً على الناس أن نصرة الله تعالى ، و نصرته تعالى تكون بنصرة الحق لأن الله تعالى هو الحق ، فأينما وجد الحق وجدنا الله تعالى ، و الحق دائماً و أبداً قوي، لا يضعف أبداً و لا يفتر و لا يتقهقر، لكن من يمثلون الحق هم من يضعفون ، و حملة لواء الباطل هم من يظهرون للناس أن الحق أضعف وأن باطلهم هو الحق و أنهم الأقوى، ليضعفوا قلوب حملة ألوية الحق.
و نصرة الحق و الدفاع عنه لا تعرف حدوداً دينية أو عرقية أو طائفية ، فأينما وجد الحق وجبت نصرة الله تعالى هناك ، و الظلم اليوم منتشر في العالم، و نصرة الحق واجبة، فهناك من يعانون من خراب الحروب و نيران الاحتلال، كالشعب الفلسطيني الأعزل ، فنصرة قضيته العادلة واجبة لأنها من نصرة الله تعالى عز و جل ، كما أن نصرة من يعانون الفقر و الجوع و التشريد بسبب الفساد أو الحروب الأهلية أو بسبب الأمراض المتفشية النتنة كالطائفية و العنصرية و غيرها هي أيضاً هي أيضاً نصرة واجبة ، و نصرة من تعرض للظلم و التهميش كالمرأة و الطفل في بعض المجتمعات هي أيضاً من نصرة الله تعالى، و الاعتناء و مساعدة من شردتهم الحروب و الكوارث هي أيضاً نصرة واجبة بسبب ظروفهم الصعبة. كل هذه القضايا العادلة في المجتمعات و المنتشرة على الأرض انتشاراً كبيراً وجبت فيها نصرة الله تعالى لأنها قضايا حق، و هي لم تنتصر لأنه لم يأت من يستطيع حمل هذه القضايا و الدفاع عنها و دفع الظلم الذي نزل على كل هؤلاء البشر.