يحتلّ الدّعاء مرتبةً مهمّةً في ديننا الإسلامي ، فالدّعاء هو مخّ العبادة و جوهرها القائم على اعتقاد المؤمن و يقينه بالله تعالى و أنّ له رباً يغفر الذّنب و يقبل التّوبة ، و الدّعاء هو الوسيلة التي يدعو بها العبد ربّه و يناجيه و يسأله بأحبّ الأسماء إليه فيطلب منه المغفرة على ذنوبٍ اقترفها أو يطلب منه الثّبات و الصّبر على المحن و الابتلاءات أو يرجو رحمته و ثوابه و نعيمه ، فللدّعاء أحوالٌ عديدةٌ و للمسلم أن يدعو الله بما شاء ، و ليعلم بأنّ للدّعاء آداباً و ضوابط شرعيّةٍ تحقّق متطلبات القبول عند الله سبحانه ، فمن آداب الدّعاء أن يدعو المسلم الله سبحانه بأحبّ أسمائه و صفاته ، فكما يحبّ المرء منّا أن ينادى في الدّنيا بأحبّ أسمائه و ألقابه فإنّ لله المثل الأعلى فهو يحبّ أن يناديه عبده بأحبّ الأسماء إليه و أعظمها ، و في الأثر أسألك اللهم باسمك الأعظم الذي إذا دعيت به أجبت و إذا سئلت به أعطيت .
و من آداب الدّعاء و من ما هى اسباب تلبيته و تحقيقه من الله لعبده هو أن يدعو المؤمن ربّه و هو موقنٌ باستجابة دعائه ، فالمؤمن حين يعظّم ربّه و يعلم أنّه سبحانه يستحي إذا رفع عبده يديه يدعوه و يطلبه أن يردّها صفراً فإنّ ذلك يولّد في نفسه يقيناً بحتمية استجابة دعائه .
و من آداب الدّعاء أيضاً أن يدعو العبد ربّه من قلبٍ حاضرٍ مستشعرٍ لعظمة خالقه غير لاهٍ ، و أن لا يستعجل العبد الإجابة فقد بيّن النّبي صلّى الله و عليه و سلّم أنّ الله يستجيب لعبده المؤمن ما لم يستعجل فيقول دعوت و لم يستجب لي ، فاستعجال إجابة الدّعاء من مبطلات تحقيقه .
و من متطلبات استجابة الدّعاء طيب المأكل و المشرب ، فمن أطاب مطعمه و مأكله و حرص على تحرّي الكسب الحلال الطّيب كان مستجاب الدّعوة عند ربّه ، فربّ إنسانٍ تغمطه أعين النّاس أشعث أغبر لا يستجاب له بسبب ذلك .
و هناك آدابٌ للدّعاء منها أن يتصدّق الإنسان قبل أن يدعو ربّه أو يعمل الطّاعات مثل الصّلاة و الصّيام ، أي يقدّم بين يدي دعائه خيراً و معروفاً و أن يرفع يديه عند الدّعاء ، و يتحرّى أوقاتاً معيّنةً تتنزّل فيها رحمات الله مثل الثّلث الأخير من الليل و دبر الصّلوات و غيرها من الأوقات المباركة .