الدعاءُ كلماتٌ تخرج من قلب المؤمن لله تعالى ، الدعاء عبادةٌ نتقرب بها من الله تعالى ، الدعاء جنة القلب و غذاء الروح ، الدعاء قوة المؤمن و سلاحه في الدنيا و ضد ظلم البشر ، الدعاء طريق جميلٌ من قلب المؤمن يصعد للسماوات السبع و يصل لله تعالى، المسلم المؤمن بالله المتوكل عليه دائماً ، يدرك أهمية وفائدة الدعاء في حياته ، فلا يوجد إنسان لا يحتاج إلى الدعاء ، فلا يحتاج للمال و لا للصحة و لا للذرية الصالحة و لا للتوفيق والفلاح ، ولا للسعادة و الراحة . بل جميعنا تنقصنا أشياءٌ عديدة في الدنيا ، فندعو الله و نتضرع له بأن يرزقنا إياها .
وقد لا ندعو الله لأشياء دنيوية كالمال و الصحة و الأولاد ، بل ندعوه لآخرتنا ، فندعوه بأن يرزقنا الله حُسن الختام والموت على فعل الطاعات والابتعاد عن المعاصي ، ندعوه بأن يدخلنا الجنة بغير حساب ولا سابق عذاب ، و أن يخفف عنا عذاب القبر و يرحمنا برحمته و يغفر لنا ذنوبنا ، كا ندعو لأحبائنا من ماتوا بأن يجعل قبرهم روضة من رياض الجنة و أن يخفف عنهم عذاب القبر و يسهل عليهم عبور الصراط و أن يجمعنا بهم في فردوسه الأعلى في الجنة .
و الدعاء لله تعالى يكن في كل الأوقات و في كل الحالات ، في الفرح و الحزن ، والمصيبة و عند الموت ، في الصباح و المساء ، بعد الصلاة و في جوف الليل . وهذا يدل على رحمة الله بعبادة المؤمنين ، ففتح لهم أبواب الدعاء في كل وقت ، ليخبرهم بأنه سبحانه و تعالى حي قيوم لا ينام عن عباده وعن احتياجاتهم ، وأنه موجود معهم دائماً و أنه أقرب إلينا من حبل الوريد . قال تعالى : ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ) .
فالإنسان المؤمن من يدعو الله في السراء والضراء ، له إجابة دعوته سواءً استجيبت دعوته في الدنيا أو ادّخرها الله له في الآخرة ، و له الثواب العظيم من الله ؛ لأنه يعترف اعترافاً واضحاً بضعفه أمام قوة الله وقدرته على تغير حالنا إلى افضل حال. قال الرسول صلى الله عليه وسلم - لابن عباس رضي الله عنهما: (إِذَا سَألْتَ فَاسأَلِ الله، وإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ باللهِ ) . فدائماً و أبداً إسأل الله عن حاجتك ولا تسأل العبد .
و لا يجب دعاء الله فقط في أيام الشدة و المصائب ، بل أيضاً ندعوه في أوقات الرخاء ،قال الرسول صلى الله عليه وسلم موصياً الفضل بن العباس : (( احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك، تعرّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدّة )) ، فلا تنسَ الله في أوقات فرحك فينساك في مصيبتك ولا يكن معك، فالمؤمن الذي يدعو الله يزرقه الله تعالى راحة البال و الطمأنينة لاستشعاره قرب الله منه ووجوده الدائم معه ، يفتح عليه رزقه و يوسعه عليه ، يبارك له في عمره ، و يدم عليه صحته ،و يرزقه الثواب في الدنيا و الآخرة .