كان هناك عددٌ من الصّحابة أيّام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد عرف عنهم أنّهم مستجابوا الدّعوة ، ومن بين هؤلاء النّجوم نجمٌ ساطعٌ في الورى اسمه الصّحابيّ الجليل بطل معركة القادسية سعد بن أبي وقّاص رضي الله عنه ، فقد دعا له النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بالبركة وبأن يكون مستجاب الدّعوة ، وقد روت كتب التّاريخ عنه قصةٌ عجيبةٌ كيف استجاب الله دعاءه حين ادعى عليه أحد الأشخاص ظلماً وبهتاناً بأنّه حين كان والياً على الكوفة في العراق أنّه لا يحسن الصّلاة بالنّاس ولا يعدل بينهم ، فدعى سعد عليه دعوةً أمام الخليفة الفاروق أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب ، فكان ممّا دعا به أن يطيل الله فقر هذا الرّجل المدّعي ويعمي بصره ويعرّضه للفتن ، فكان يمشي بالأسواق يتعرّض للنّساء ويقول شيخٌ كبيرٌ ضريرٌ أصابته دعوة سعد .
و لا شكّ أنّ الدّعاء سهمٌ من سهام المؤمنين نافذ ، وإنّ المؤمن حين يطلب استجابة دعائه يجب أن يتنبّه إلى عددٍ من الأمور منها أن يكون دعاؤه خالصاً لوجه الله تعالى فلا يدعو مع الله أحدا ، وكذلك أن يدعو الله بيقينٍ وبقلبٍ حاضرٍ ليس بغافل ، ويستحضر عظمة الله سبحانه في نفسه وهو يدعوه ، وأنّ يكون موقناً بأنّ ربّه سوف يستجيب دعاءه ، وكذلك فأنّ الكسب الطّيّب الحلال هو من موجبات استجابة الدّعاء ، فربّ رجلٍ أشعثٍ أغبر يطيل السّفر ومأكله حرام وملبسه حرام وغذّي بالحرام ، فأنّى يستجاب له كما قال الرّسول صلّى الله عليه وسلّم ، وكذلك على المؤمن حين يدعو ربّه أن يدعوه بأحبّ الأسماء والصّفات إليه سبحانه وأن لا يعتدي بدعائه بأن يدعو بأمورٍ غير جائزةٍ أو يدعو بالشرّ فإن الله لا يستجيب ذلك منه ، وأخيراً أن يتصدّق أو يعمل خيراً قبل أن يدعو الله سبحانه .
و قد جل الله سبحانه وعيّن أمكنة وأزمنة يستحبّ فيها الدّعاء كشهر رمضان والعشر الآواخر منه ، وليلة القدر ، وأيّام ذي الحجّة ويوم عرفة ، ودبر الصّلوات ، وأماكن باركها الله وجعلها بيوتاً له وحرماً كالمسجد الحرام حين يجتمع النّاس لعبادة الله فتحفّهم الملائكة بأجنحتها وتتنزّل عليهم الرّحمات ، ومجالس الذّكر ، فكلّ ذلك من ما هى اسباب استجابة الدّعاء .