حجة الوداع هي الحجة التي قام بها الرسول عليه وعلى آهله احسن وأفضل السلام إلى مكة في العام الثامن للهجرة ، وقد كانت أول حجة له بعد هجرته إلى المدينة المنورة ، وكانت في الوقت ذاته آخر حجة له كذلك .
وقد تمت على أثر نقض أحد حلفاء قريش صلح الحديبية الذي قد تم إبرامه بين المسلمين وحلفائهم وبين قريش وحلفائها ، فجمع الرسول عليه الصلاة والسلام عشرة آلاف من المسلمين وقصد مكة والذي تصادف مع موسم الحج ، ولما علم أبو سفيان ، زعيم قريش آنذاك بجيش المسلمين الجرار القادم نحو مكة لفتحها ، هرع يرتعد خوفا إلى معسكر المسلمين على مقربة من مكة يستجدي الرسول أن يصفح عن قريش ، متذرعا أن قريش نفسها لم تنقض بنود الصلح المبرم ، وإنما قبيلة من الأعراب ، ولكن معاهدة الصلح كانت بنودها واضحة وصريحة ، فإنّها تعتبر لاغية إذا ما تم تعدي أحد أطرافها أو حلفائها على بنودها ، فشرع عندها أبو سفيان يستجدي الرسول بصلة الرحم والقربى فقال له الرسول بعد أن أسلم ، قل لأهل مكة أنه من دخل دار أبي سفيان فهو آمن .
وبعد أن دخل المسلمون مكة ، شرع الرسول الكريم بأداء مناسك الحج وفي اليوم التالي خطب خطبة طويلة بالمسلمين بين لهم فيها أنه اليوم قد أـكمل لهم دينهم ، وفهم المسلمون بعد قوله " لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا " أنّ الرسول قد اقتربت نهايته بوحي من السماء إليه بهذا الشأن ، وقد تضمنت الخطبة الوداعية فيما تضمنته العديد من شؤون المسلمين والواجبات والحقوق وأمور الدين والدنيا معا ، وتعد جامعة وشاملة لأفكار النبي الأمين سيد بني البشر أجمعين للمسلمين ، وقد طلب الرسول من جميع الحاضرين أن يبلغوا عنه ما سمعوه لمن تخلف من المسلمين ، وأوصاهم أن ينقلوا بنود وتفاصيل وتوجيهات وأوامر ونصائح كل ما جاء في خطبته الوداعية للناس كافة ، لذلك سميت هذه الحجة وهذه الخطبة بحجة الوداع .