خلق الله تعالى الإنسان، وجعله خليفته في الأرض، وأعطاه العقل القادر على اكتساب العلوم والمعارف الجديدة، إضافة إلى أنه أهعطاه الروح التي هي هبة ربانية خص بها الله الإنسان حتى يعرف قيمته وتساعده على الارتقاء بنفسه وتحفزه على السعي في الأرض. كل هذا كي يستطيع الإنسان أن يقوم بغايته التي خلقه من أجلها. وهي يتفكر ويسعى ويعبد الله، لهذا خلق الله الإنسان.
الإنسان هو الكائن الذي يدرك ويعي ما يدور من حوله من أحداث، وهو الكائن الذي يمتلك ذكائاً يستطيع به أن يتجاوز المواقف التي تواجهه خلال حياته، وهو أيضاً ذات الكائن الذي يستطيع التعلم ذاتياً بل ويستطيع أيضاً تطوير عملية التعليم لتحقق الأغراض التي خلق لأجلها.
من أهم ما كرم الله به الإنسان، أن أعطاه القدرة على التفكير والاختراع والتعلم والتواصل وتطوير وسائل الاتصال، إضافة إلى قدرته على أن يستفيد من خبرات غيره، وأن يسعى في الأرض ويتأمل في مظاهر خلق الله وآياته الحسان، مما يؤدي إلى تقوية وتنمية ارتباطه بالله تعالى، وتقوية وتنمية روحه وتفعيلها وزيادة إنسانيته وعلومه.
ومن مظاهر تكريم الله تعالى للإنسان أن سخر له كل مخلوقات الكون في خدمته، وهو في نفس الوقت مسؤول عنها، يرعها ويدبر أمرها ويقوم على العناية بها. أيضاً كرم الله تعالى الإنسان بأن حمله وسهل له عملية التنقل براً وبحراً وجواً كل هذا حتى يستطيع استثمار وقته في تعرف ما هو مفيد بأقصى درجة ممكنة.
ومن مظاهر التكريم أيضاً التي لا يلتفت إليها الناس، أن الإنسان قادر على سؤال الأسئلة الأنطولوجية والأسئلة الميتافيزيقية، فهناك شئ يؤرق الإنسان حول مصيره، وكيف ستكون نهايته، مما يجعله مستعداً عاملاً لهذه اللحظة بكل ما أوتي من قوة ومما يجعله أيضاً عالماً بوجهته وبخطته بهذه الحياه، وبمصيره وما يدور حوله من أحداث.
ومن مظاهر تكريم الله تعالى للإنسان أن جعل المخلوقات الأخرى تسجد له وعاقب بل ولعن من رفض السجود له كإبليس، وأنه أعطاه العلوم التي يحتاجها ليبدأ حياته بها.
كل هذا من مظاهر تكريم الله تعالى للإنسان، ولكن الإنسان بطغيانه وتجبره، لا يدرك هذه الحقائق فهو ذو نزعة استعلائية وخصوصاً على بنو جلدته، وبالتالي فهو لم يحقق مراد الله فيه، وحاد عن الطريق، فالجرائم الإنسانية والكوارث التي ارتكبها الإنسان بحق أخيه الإنسان تثبت أن شر الإنسان أحياناً قد يطغى على تفكيره وبالتالي فهو لا يعي لما خلق وتعرف ما هو الهدف الرئيسي من حياته ومعيشته.