يعدّ المسجد الأقصى من المساجد التي تحتل مكانةً خاصّةً عند المسلمين، بل إنّ أهميّة المسجد الأقصى تأتي في كونه موجودًا في واحدةٍ من أقدس المدن وأعرقها في التّاريخ وهي مدينة القدس التي تعتبر مهد الأديان ومهاجر الأنبياء وقبلة المسلمين الأولى، وقد أدركت الحضارات عبر التّاريخ هذه المكانة للقدس حتّى كانت ومازالت محلّ صراع ونزاع بين أصحاب الحقّ على هذه الأرض المسلمة وبين من يدّعون أنّه لهم حقًّا فيها بزعم وجود هيكل سليمان وهم اليهود الغاصبين، ومن قبلهم كان الصّليبيّون الذين استولوا على بيت المقدس وبقي تحت أسرهم لمدة تقارب تسعين عامًا حتّى أتى القائد الإسلامي النّاصر صلاح الدّين الأيوبي ليدخل القدس ويحرّر المسجد الأقصى من دنس المحتلين، وإنّ للمسجد الأقصى أهميّة في وجدان المسلمين على اختلاف أعراقهم ومشاربهم، وهذه الأهميّة تنبع من أمور نذكر منها:
- المسجد الأقصى من أقدم المساجد على الأرض، فقد بُني المسجد الأقصى كما بيّن النّبي عليه الصّلاة والسّلام بعد المسجد الحرام بأربعين عامًا، وهذا يدلّ على مكانة هذا المسجد إلى جانب المسجد الحرام، وأنّ مكانه كان قد تمّ تحديده من قِبل الله تعالى قبل أن ينزل آدم عليه السّلام إلى الأرض.
- المسجد الأقصى من المساجد التي تشدّ الرّحال إليها، فقد ذكر النّبي عليه الصّلاة والسّلام المسجد الأقصى كواحدٍ من المساجد التي يشدّ المسلم الرّحال إليها إلى جانب المسجد الحرام والمسجد النّبوي الشّريف في المدينة المنوّرة.
- المسجد الأقصى تضاعف الصّلاة فيه عن غيره من المساجد، فقد ذكر النّبي عليه الصّلاة والسّلام أنّ الصّلاة في المسجد الأقصى تعدل خمسمئة صلاة عمّا سواه، وهذا دليل على أهمية وفائدة ومكانة هذا المسجد.
- ذُكر المسجد الأقصى في القرآن الكريم وذكر البركة حوله، فقد ربط الله تعالى في سورة الإسراء بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى في ذكر رحلة الإسراء والمعراج، كما ذكرت البركة التي منّ الله بها على هذا المسجد ومن حوله.
- المسجد الأقصى هو المكان الذي تتواجد فيه طائفة الحقّ التي تكلّم عنها النّبي عليه الصّلاة والسّلام، فقد ذكر النّبي الكريم طائفة الحقّ التى تبقى على أمر الله تعالى قاهرةً لعدوّها ظاهرةً لا يضرّها من خالفها ولا من خذلها حتّى يأتيها نصر الله وهي كذلك، وبيّن النّبي أنّها ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس.
والمسجد الأقصى وقفٌ للمسلمين لا يحقّ لأحدٍ التّنازل عنه، وبالتّالي فإنّ مهمّة تخليص المسجد الأقصى من الاحتلال هي مسؤوليّة كلّ مسلمٍ حتّى يعود إلى أحضان المسلمين.