تحتفل الدّول العربيّة والإسلاميّة في كلّ عامٍ بمناسبة الإسراء والمعراج، وهي الرّحلة التي قام بها النّبي محمّد عليه الصّلاة والسّلام حين أسري به من مكّة إلى المسجد الأقصى؛ حيث أحضر جبريل عليه السّلام للنّبي دابّة البراق التي كان يركبها الأنبياء من قبل، حيث ركب عليها النّبي الكريم متوجّها إلى بيت المقدس، وقد وجد في بيت المقدس عددًا من الأنبياء فصلّى فيهم إمامًا، ثمّ أتي بثلاثٍ من الآنية، إناءٍ من لبن، وإناءٍ من خمر، وإناءٍ من ماء، فهدى الله تعالى نبيّه الكريم إلى اختيار اللّبن، ففرح جبريل عليه السّلام بهذا الاختيار قائلًا هديت وهديت أمّتك ولو اخترت الماء لغرقت وغرقت أمّك، ولو اخترت الخمر لغويت وغويت أمّتك.
وبعد ذلك قام النّبي الكريم بربط دابّة البراق في حائط بجانب المسجد الأقصى، وهو الحائط الذي يسمّى اليوم بحائط البراق، ثمّ بعد ذلك ارتقى النّبي الكريم ومعه جبريل عليه السّلام؛ حيث إنّه رأى الكثير من آيات ربّه الكبرى، كما تقرّب من ربّه وعلا حتّى بلغ سدرة المنتهى، فأوحى الله تعالى له ما أوحى، كما فرض عليه ربّ العزّة وعلى أمّته الصّلاة؛ حيث كانت أربعين صلاةً في اليوم والليلة.
وقد بقي النبّي يراجع ربّه حتّى خفّفها على الأمّة، فأصبحت خمس صلوات في اليوم واللّيلة، وقد ذكرت روايات عن النّبي عليه الصّلاة والسّلام أنّه رأى عددًا من الأنبياء في رحلة المعراج وسلّم على عددٍ منهم، كما رويت كذلك روايات أنّه رأى أصنافًا من النّاس يعذّبون على أعمالهم التي كانوا يرتكبونها في الحياة الدّنيا، ومنهم صنفٌ وجدهم النّبي الكريم بجانب صنفٍ من الطّعام طيّب ثمين، وصنف آخر منتن خبيث؛ فكانوا يختارون الصّنف الخبيث ليأكلوا منه، فاستفهم النّبي عليه الصّلاة والسّلام عنهم، فقيل له هؤلاء الزّناة من أمّتك حيث يتركون ما أحلّ الله تعالى لهم من النّساء ويختارون الحرام.
وعندما رجع النّبي عليه الصّلاة والسّلام ليخبر النّاس بقصّة هذه الرّحلة حصلت فتنةٌ كبيرة؛ حيث ارتدّ بعض المنافقين، واتّخذ بعض كفّار قريش من هذه القصّة مظنّةً للشكّ في صدق النّبي الكريم، وقد سمّي أبو بكر رضي الله عنه بالصدّيق في هذا اليوم بعد أن سمع وصف بيت المقدس من فيّ النّبي الكريم، وهو يكرّر صدقت أشهد أنّك رسول الله. وقد اختلف العلماء في اليوم الذي حدثت فيه ليلة الإسراء والعراج، فقيل إنّها حدثت في رجب، وقيل في رمضان، وقيل في شوّال، والرّاجح أنّها حدثت في يوم سبعةٍ وعشرين من شهر ربيع الأوّل قبل الهجرة النّبويّة بسنةٍ تقريبًا.