حين يصيب الإنسان السّوء، يلجأ إلى الله عز وجل ليصرف عنه ما همّ به، ويكتب له الخير، لكن الإنسان بطبيعته وكما وصفه الله عز وجل في كتابه "إذا مسّه الشر جزوعًا وإذا مسّه الخير منوعًا"، أي أنّه في حالات الخير يتمنّع ويقل شكره، لكن العاقل من أدرك نعيم الله عز وجل، وأنّ القرب منه حلاوة في السرّاء والضرّاء، ولا يكون ذلك إلا بتقوى الله سبحانه وتعالى في كل حين.
فالتّقوى هي سلّم النّجاة من رذائل الأعمال في الدّنيا، وطوق النّجاة في الآخرة، قال تعالى: "وَاتّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمّ تُوَفّىَ كُلّ نَفْسٍ مّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ".
ويمكن تعريف ومعنى التقوى بأنها: ما وقر في القلب، وترجمته الجوارح، وصدقه العمل، أي أن يجدك الله سبحانه وتعالى حيث أمرك، وألًا يجدك حيث نهاك. وتعريف ومعنى آخر: هي عبارة عن الفضيلة التي يلتزم بها، وتكون هذه الفضيلة باتجاه الله للطمع في رحمته ومحبته، والخوف من عقابه وعذابه. والعاقل من يحرص كل الحرص على أن يتقرّب إلى الله عز وجل في كل الأعمال، كأن يؤدّي الفرائض على أكمل وجه، ويتبعها بالنوافل، وأن يحرص على اتباع سنة الرسول المرسل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، فالله عز وجل أمرنا بعبادته، و نهانا عن مخالفة أوامره ومعصيته من باب الخير لنا في الدنيا والظفر بنعيم الآخرة قال تعالى: "إن أكرمكم عند الله أتقاكم ".
ولإيضاح مفهوم وتعريف ومعنى التّقوى أكثر نرجع إلى أصل علاقة الخالق بالمخلوق، فاحتياج المخلوق للخالق في كل أموره يوجبه الالتزام بما يأمره به الخالق عز وجل، ويتجنب ما ينهى عنه، فحاجتنا للرزق، وللخير، والسعادة، والاطمئنان، والمحبّة، والفوز بثواب الآخرة يجعلنا ممن يسلكون سبل التقوى والإخلاص في العبادة، فالتقوى هي رأس كل خير، ومفتاح لكل ما أغلق، وسبب لتيسير العسير، وتفريج الكروب، ولو أدرك واستشعر الإنسان منا ذلك بقلبه وصدّقه بجوارحه لفاز الفوز العظيم.
أشكال التقوى:
أشكال تقوى الله عز وجل كثيرة ومفتوحة، فكل عملٍ صالح نيّته التقرّب إلى الله، وفيه مخافة وخشية منه عز وجل يكون شكلاً من أشكال التّقوى في العمل، وفيما يلي بعضاً من أشكال التّقوى:
1. أداء الفرائض على أكمل وجه، تقرّباً إلى الله عز وجل دون رياء قال تعالى: "وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنّا معكم إنّما نحن مستهزئون الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون".
2. اتّباع سنّة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والإقتداء به، كصيام النّوافل، وأداء السّنن من الصلوات.
3. التهجّد في اللّيل والإكثار من الأدعية والإستغفار.
4. الصبر عند الإبتلاء، والشكر عند الرّخاء.
5. الكلمة الطيّبة والأمر بين النّاس بالمعروف والنّهي عن المنكر.
6. القيام بأي عمل تقوم به عادةً تكون بغيته ومقصده لله عز وجل.