فانوس رمضان أحد المظاهر الشّعبيّة الأصلية في مصر. وهو أيضا واحد من الفنون الفلكلورية الّتي نالت اهتمام الفنّانين والدّارسين حتّى أن البعض قام بدراسة أكاديميّة لظهوره وتطوره وارتباطه بشهر الصّوم ثمّ تحويله إلى قطعة جميلة من الدّيكور العربي في الكثير من البيوت المصريّة الحديثة. وقد نوقشت أكثر من رسالة للماجستير والدّكتوراه عن تاريخ الفانوس الّذي ظلّ عبر العصور أحد مظاهر رمضان وجزءا لا يتجزأ من احتفالاته ولياليه.
ليست صناعة الفوانيس صناعة موسمية، ولكنها مستمرة طوال العام حيث يتفنن صناعها في ابتكار أشكال ونماذج مختلفة، وتخزينها ليتم عرضها للبيع في رمضان الذي يعد موسم رواج هذه الصناعة.وتعد مدينة القاهرة المصرية من أهم المدن الإسلامية التي تزدهر فيها هذه الصناعة.وهناك مناطق معينة مثل منطقة تحت الربع القريبة من حي الأزهر.. والغورية.. ومنطقة بركة الفيل بالسيدة زينب من أهم المناطق التي تخصصت في صناعة الفوانيس.
وفى جولة في منطقة تحت الربع تجد أشهـر ورش الصناعة وكذلك أشهر العائلات التي تتوارثها جيلا ًبعد جيل. وتعتبر الفوانيس المصرية عمرها طويل، وقد شهدت هذه الصناعة تطوراً كبيراً في الآونة الأخيرة، فبعد أن كان الفانوس عبارة عن علبة من الصفيح توضع بداخلها شمعة، تم تركيب الزجاج مع الصفيح مع عمل بعض الفتحات التي تجعل الشمعة تستمر في الاشتعال. ثم بدأت مرحلة أخرى تم فيها تشكيل الصفيح وتلوين الزجاج ووضع بعض النقوش والأشكال.وكان ذلك يتم يدوياً وتستخدم فيه المخلفات الزجاجية والمعدنية، وكان الأمر يحتاج إلى مهارة خاصة ويستغرق وقتا طويلا.
أنواع الفوانيس وتوجد بعض الفوانيس المعقدة من ناحية تصميمها مثل الفانوس المعروف "بالبرلمان "والذي سمى بذلك نسبة إلى فانوس مشابه كان معلقا في قاعة البرلمان المصري في الثلاثينات من القرن الماضي.وكذلك الفانوس المسمى "فاروق" والذي يحمل اسم ملك مصر السابق والذي كان قد صمم خصيصاً لاحتفال القصر الملكي بيوم ميلاده، وتم شراء ما يزيد على 500 فانوس من هذا النوع يومها لتزيين القصر الملكي.
وقد ظلت صناعة الفانوس تتطور عبر الأزمان حتى ظهر الفانوس الكهربائى الذي يعتمد في إضائته على البطارية واللمبة بدلا من الشمعة.ولم يقف التطور عند هذا الحد بل غزت الصين مصر ودول العالم الإسلامي بصناعة الفانوس الصينى الذي يضيء ويتكلم ويتحرك بل تحول الأمر إلى ظهور أشكال أخرى غير الفانوس ولكن لا تباع إلا في رمضان تحت اسم "الفانوس". رحم الله الأيام فقد تغير الفانوس وتبدل وأصبح نادرا ما ترى طفلا يمسك بالفانوس الزجاجى الملون المحتضن للشمعة المضيئة.
وللصين باع طويل في صناعة الفوانيس ولقد غزى الفانوس الصيني الأسواق المصرية في السنوات العشر الماضية وأظهر تنافس كبير مع الفانوس المصري حيث طوعت أشكال تصميماتها في الآونة الأخيرة لمحاولة ملائمة السوق المصري ولكنها تخلو من الرموز الإسلامية وغالبا لا تعمر إلا سنة واحده على عكس الفانوس المصري, ولقد أعتمد الفانوس الصيني على أشكال حديثه لألعاب الأطفال أو شخصيات كرتونيه معظمها من البلاستيك جذابة التصميم والألوان (شكل رقم 7,8) ومما جعل للفانوس الصيني قدره على التنافس القوى داخل الأسواق كفانوس لعبه هو انخفاض سعر الفانوس حيث يتراوح سعره بين 2إلي45ج أي في متناول جميع الطبقات بالإضافة إلي التكنولوجية المتقدمة حيث يمكن للفانوس أن يتحرك ويرقص ويغنى ويضئ, في بادئ الأمر زاد الإقبال على الفانوس الصيني إلا انه ما لبث أن انخفض الإقبال عليه في الآونة الأخيرة وبالإضافة إلي أن السائح العربي يفضل الفانوس التقليدي أبو بشمعه ويفضل الصناعة اليدوية وتقبل عليه المحال التجارية والكافيتريات والفنادق والخيم الرمضانية حيث الفانوس النابع من الثقافة العربية المصرية الإسلامية ويرجع السبب في ذلك إلي أن الفانوس اللعبة الصيني فقد جاذبيته حيث اصبح مجرد لعبه يلعب بها الأطفال طوال العام أما الفانوس المصري فينبع من قلب المجتمع وتراثه ونبض ثقافته.