كثيراً ما نقرأ في قصص الحبّ عن أخبار المحبّين وكيف يتلهّفون لرؤية أحبائهنّ، وترى علامات و دلائل الشّوق واللّهفة ترتسم على محيّاهم، فتضيء جباههم وتتلألأ عيونهم كالدرّ المنثور والياقوت المكنون، وترى قلوبهم تخفق طرباً وهم يتطلّعون إلى محبّيهم بنظرةٍ كلّها سعادةً ونشوة، ولا يستطيع المحبّ بحالٍ أن يخفي علامات و دلائل محبّته لحبيبه، وإنّ من أهمّ الحواس التي تكون سبباً في أسر قلب المحبّ حاسّة البصر التي تمتلكها العين، وهي التي تحرّك قلب المحبّ باستمرار في كلّ مرةٍ يرى فيها حبيبه فيرقص طرباً برؤيته، كما أنّها تجعل القلب يسكن حين تشعره بقرب الحبيب وعناقه بعد طول غيابٍ أو جفاء، وهي مصدر الدّموع التي تنهمر مدرارةً في كلّ لحظةٍ يقسو فيها الحبيب على حبيبه، فنظرات المحبّ هي أصدق تعبيرٍ عن المحبّة التي تكمن في قلب المحبّ، وهي القادرة وحدها على التّعبير بكلّ صدقٍ عن ما يحمله المحبّ اتجاه حبيبه من مشاعر وأحاسيس مرهفةٍ صادقة، فالعين لا تكذب ولا تستطيع التّمثيل أو التّزييف وخاصّةً بين المحبين .
وإنّ لنظرات المحبّة علاماتٍ وأماراتٍ تدلّ عليها، ومن هذه العلامات و دلائل أنّك ترى المحبّ دائماً ينظر نظرةً عطف كلّها حنانٌ على من يحبّ، فتراه إذا تعرّض حبيبه إلى سوءٍ أو مكروهٍ تظهر على عينيه نظرات الخوف والشّفقة، وإذا وجد حبيبه في موقفٍ صعبٍ تراه ينظر إليه وهو يدعو له الله تعالى أن يوفّقه حتى يتخطّى هذا الموقف، وقد روي عن سيّدنا الإمام علي رضي الله تعالى عنه أنّه كان في أحد الغزوات ينظر إلى ابنه الحسن رضي الله عنه، وعندما رآه يلتحم بالصّفوف صاح منادياً، املكوا عنّي هذا الغلام لا يهدّني، فقد أشفق على ابنه عندما رآه في موقفٍ قد يفقده فيه .
كما أنّ نظرات المحبّ تظهر جليّةً في مواقف الفرح والنّجاح، فترى المحبّ إذا نجح حبيبه في دارسته أو عمله أو غير ذلك من مسارات الحياة، فإنّه يفرح لذلك أشدّ الفرح ويظهر ذلك في عينيّه، وقد تتساقط دمعات الفرح من عينيه لذلك، كما يحدث مع الأم المحبة لأولادها في أحيانٍ كثيرةٍ عندما تراهم ينجحون في حياتهم، وترى تلك الأعين ترمق من تحب بنظرات الحنان والودّ وتدعو الله تعالى أن يحفظهم برعايته ورحمته دائماً .