يعتبر الحب الشعور الأكثر سمواً في عالم البشرية منذ البداية وحتى اليوم، فلم يوجد شعور بمثل هذا السمو، ولكنه على نفس الوجه كان الحب مسرحاً لكثير من العابثين، فإختلط الحب السامي ببعض الألعاب الصيبيانية التي بدأ انتشارها في العصر الحالي مع تطور التقنية وسهولة التنقل والإتصالات بين العوالم المختلفة، ولذلك فإن الحديث عن ترك الحب يجب أن يتضمن السؤال عن أي حب بالضبط يجب أن نترك، ولا يتم ذلك إلا بفهم حال الدنيا في التعبير عن الأشياء، فالدنيا تحتوي على أمران أسياسيان يحددان طبيعتها: الأول وهو الحقيقة، والثاني وهو المجاز، فأما الحقيقة فهي معلومة نستطيع اجمال كل الحقائق بأن الله موجود وأن الناس ستموت، أما غير ذلك فلا يوجد في الدنيا من الحقائق، ولكن المجازات كثيرة وأحيانا ما تلبس لبس الحقيقة، مثل أن يحب الرجل فتاة ما، أو الفتاة، فإن حبهما في هذه الحالة مجاز صرف لا حقيقة فيه، ولكن يلبس لبساً من الحقيقة، ولأميز الأمر فإن المجاز ما كان له نهاية، أما الحقيقة فلا نهاية لها، فإن كان حبهما صادقاً للغاية فإن نهايته الموت لأحدهما أو كلاهما، أي أن المجاز إرتبط بالحقيقة، وهنا الحب الحقيقي، أما الحب الذي لا يبنى إلا على نفس ما بني عليه الحب الحقيقي من المجازات، فإنه لا يذهب إلى الإرتباط بالحقائق أبداً، وإنما يكتفي فقط في مجازات أخرى كالكلام المعسول أو التسلية وخلافه وخلافه.
أردت أن أقدم بتلك المقدمة لأضع نفسي والقارئ في خانة محددة من الحب، فالحب إختيار مجازي، ولكنه إما أن يرتبط بمجازات زائفة أخرى تنتهي بالطلاق أو الهجران أو حتى الإهانة، أو أن ترتبط بالحقيقة أي الموت، فهو حب حتى الموت، اذن فلفهم الحب الحقيقي علينا أن نفهم فلسفة الموت، فالموت بحدث بتدريج بطيء للغاية، فيبدأ الصغير مولودا لا يقدر على شيء، مقيد الحركة، يحتاج إلى الرعاية والحنان، وكذا بداية الحب، فإنها يجب أن يكون حباً مقيداً صارماً مقيداً في جميع حركاته لينمو بشكل طبيعي، فإن نما بشكل طبيعي مات هو والحقيقة مع بعضهما البعض، فالمحب الذي ييحب في شهر ويستعجل الأمور حتى يصل إلى ذروة الحب في أقل من سنة فإنه سيواجه مشكلة في أنه وصل إلى مرحلة الموت في مرحلة الرعاية وهذا سيجلب عليه الملل والالبحث عن أخرى ليبدأ من جديد، وليكون في دائرة مفرغة لا يستطيع الخروج منها.
الحب الحقيقي لا يمكن أن يترك لأنه مثل نزع الروح للموت، ولكن كل من جال في عقله أن يترك محبه، فليعلم أن حبه مجازي أي زائف ويمكن أن يتركه بكل سهولة ويبني حباً جديدا حقيقيا يرافقه بحنانه وظلاله حتى الموت، ولهذا ينصح دائماً بإتباع الفكر السليم والتنور والالبحث عن الآخرين بحذر وحبهم بطريقة صادقة أكثر ما تكون.