يدرك المسلم وهو يعمل الصّالحات ويجتنب المنكرات أنّ الله سبحانه وتعالى قد رتّب مكافأةً للمسلمين الصّادقين المتّقين يتحصّلون عليها عند نهاية اختبار هذه الحياة الدّنيا ، وإنّ هذه المكافأة ثمينةٌ غاليةٌ قد أعدّها لعباده المؤمنين وهي الجنّة التي لا خطر لها ولا شبيه ، وإنّ في الجنّة من صفوف النّعيم وألوانه ما يجعل العبد فيها مشغولٌ دائماً بالتّمتع فيها ، فشغل أهل الجنّة كما قال العلماء الأكل والشّرب وفضّ الأبكار ، بل وإنّ ما يخرج منهم يكون على شكل رائحة مسكٍ وزعفران ، فلا قضاء حاجةٍ في الجنّة ولا عناءٍ بل متعةٌ دائمةٌ مستمرةٌ ، للعبد ما يشتهي ويدّعي من النّعيم ، كلّ ما خطر في باله شيءٌ تنزّل عليه وحضر أمامه في لحظات .
و إنّ من نعيم الجنّة الحور العين ، وهنّ النّساء اللاتي أعدهنّ الله لعباده المتّقين ، والحوراء هي شديدة البياض التي في عينها كحل ، والعين وصف لضخامة عيونهن وجمالها ، قد منحهنّ الله سبحانه أصواتاً يغنين فيها بأحلى الأنغام ، مفتخراتٍ بخلودهم وتنعّمهنّ ورضاهنّ بأزواجهنّ ، والحور العين نساءٌ رقيقات المشاعر تتأذّى إذا أصاب زوجها في الحياة الدّنيا أذى ، فتراها تتألّم وتقول في نفسها مخاطبةً زوجته في الحياة الدّنيا لا تؤذيه فإنّه عندك ضيفٌ وراحل إلينا ، فهنّ عاشقاتٍ لأزواجهنّ بل من عشقهنّ وشديد تعلقهنّ بهم فإنهنّ يكن قاصرات الطّرف على أزواجهم فلا ينظرن إلى غيره وهنّ ملتزمات قصورهنّ فلا يبرحنها، والحور العين من أوصافهنّ أنهنّ على سنٍّ واحدةٍ كواعب أترابا ، ولو اطلعت واحدةٌ من الحور العين لأضاءت ما بين السّماء والأرض بنورها ولملأتها ريحاً طيبةً ، وقد خلقهنّ الله يرى مخّ سوقهنّ من رقّة جلودهنّ ، فهنّ خلقٌ عظيمٌ عجيبٌ قد أعدّه الله لعباده المتّقين إكراماً لهم .
و قد أعدّ الله للشّهداء كراماتٍ منها أنّ الشّهيد يزوّج سبعين من الحور العين جزاءاً له على بذله وعطائه ، فأرواح الشّهداء في حواصل طيرٍ خضرٍ تسرح في الجنّة حيث تشاء ثم تأوي إلى قناديل معلّقةٍ في العرش ، فعلى المسلم أن يبذل الجهد لإدراك جائزة الله الجنّة .