تستحوذ العلاقات الإنسانية بين المسلمين على النصيب الأكبر من النّواهي و الأوامر في شريعتنا بل و في شريعة من قبلنا ، فقديما رأينا شريعة حمورابي و هي من أقدم الشرائع تحتوي على الكثير من القواعد و القيم التي تحكم علاقات البشر فيما بينهم و تحدّد حقوقهم و واجباتهم ، و جاءت شريعة الإسلام مهيمنة على ما قبلها من الشرائع و خاتمة لها ، زاخرة بالقيم و الأخلاق و الآداب بل مشتملة على كل خلق و متمّمة لمكارم الأخلاق ، قال الرسول صلى الله عليه و سلم : بعثت لأتمّم مكارم الأخلاق ، فدعوتنا ربانية أخلاقيّة إجتماعيّة حثّت المسلمين على كل خلق حسن و أمرتهم بالإبتعاد عن كل خلق سيّء ، و بقاء الامم مرهون بمدى تمسكها بقيمها و أخلاقها و شريعة ربّها فإنّ هي أخذت بها ارتقت و علت و إن تركتها خابت وأفلت .
و قد رتّب الإسلام على المسلمين حقوقاً و واجبات على بعضهم البعض فحقّ المسلم على أخيه كما ورد في حديث النّبي صلى الله عليه و سلم أن تردّ عليه السلام إذا طرحه عليك و أن تسلّم عليه وأنت باشّ في وجهه مبتسم وإذا مرض واصابه مكروه زرته و عدته واطمأننت عليه و إذا توفّاه الله تعالى اتبعت جنازته ، و إذا دعاك أجبت دعوته كأن يدعوك إلى زيارة بيته لتناول الطعام ، و إذا عطس فحمد الله شمّته و قلت له يرحمك الله ، و في حديث آخر إذا استنصحك إي طلب النصحية فانصح له ، و ما أغلى النصيحة على نفس المؤمن حين يكون في كرب و شدّه أو يشعر بانّه تائه لا يعرف كيف يتصرّف في مسألة ما فيحتاج إلى الناصح الأمين ينصحه لما فيه خيره في دنياه وآخرته ، و كل هذه الحقوق مما يدخل السرور إلى قلب المؤمن فيحصل التآخي و التراحم و التعاطف بين المسلمين وإنّ لهذه الأعمال لآثارا عظيمة فربّ عمل استهنا به كان له أعظم الأثر في قلوب المسلمين فالسلام بين الناس يولّد المحبة و الودّ بينهم قال صلّى الله عليه و سلم :" ألا أدلّكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ، أفشوا السلام بينكم " و الذي يعفو عن أخيه إذا ظلمه و يحسن إليه يصير كأنه و أخيه أخلاّن لا يفترقان ، قال تعالى : " وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ? ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ " صدق الله العظيم .