جعل الله سبحانه و تعالى لدخول الجنّة أسباباً من أخذ بها فقد نال جائزة الله و رضاه ، و من تركها خسر الجنّة و باء بغضب الله و عذابه ، فالدّنيا بكلّ ما فيها من زخرفٍ و متاعٍ هي امتحان للمؤمن و فتنةٌ له ، فمن أراد السّعادة و الفلاح أحسن التّعامل معها فاجتنب الحرام و ابتعد عن المعاصي والآثام و تزوّد بزاد التّقوى و أحسن العمل و طهّر القلب و اللسان .
فمن ما هى اسباب دخول الجنّة أن يكون المسلم صحيح العقيدة ، سليم القلب ، طاهر النّفس و الأركان ، فالمسلم يعبد الله لا يشرك به شيئاً ، و هو في فعله يبتغي الله وحده فلا يرجوه إلا الله و لا يدعو إلا الله ، و لا يعمل عملاً إلا كانت نيّته رضا الله و إعلاء كلمة دينه ، فنيّة المسلم دائماً خالصةً لوجه الله سبحانه ، و المسلم كذلك يتحلّى بالصّفات الحميدة و منها الصّدق و الأمانة و التّواضع و الحلم و الإحسان إلى الخلق و حسن معاملتهم و البرّ مع الوالدين و كلّ تلك الأخلاق هي من ما هى اسباب دخول الجنّة ، بل إنّ الرّسول عليه الصّلاة و السّلام قد بيّن أنّ أقرب النّاس مجلساً إليه يوم القيامة أحاسنهم أخلاقا ، و من ما هى اسباب دخول الجنّة أيضاً طاعة الله و رسوله فالمسلم المحبّ لدينه و عقيدته يعلم أنّ طاعة الله تستوجب العمل بما يرضيه سبحانه ، فالمحبّ لمن يحبّ مطيع ، و قد ذكر النّبيّ عليه الصّلاة و السّلام في حديثه أنّ كل المسلمين يدخلون الجنّة إلا من أبى ، فاستفسر الصّحابة عن ذلك قائلين و من يأبى يا رسول الله ، قال من أطاعني دخل الجنّة و من عصاني فقد أبى ، فطاعة رسول الله تكون بإتباع سنّته و التزام هديه و اجتناب ما نهى عنه .
و قد بيّن النّبي صلّى الله عليه و سلّم حال أقوامٍ يأتون يوم القيامة بأعمالٍ كالجبال و يأتي و قد شتم هذا و ضرب هذا و اغتاب هذا فيؤخذ من سيّئاتهم و تطرح عليه ، فالمسلم و هو يعمل الصّالحات ويرجو ربّه يعلم بأنّه لن يدخل أحدٌ الجنّة بعمله إلا أن يتغمده الله بنعمةٍ منه و فضل .