فضّل الله سبحانه و تعالى من الشّهور شهر رمضان ، و فضّل من الليالي ليلة القدر ، فليلة القدر ليلةٌ مباركةٌ أنزل الله سبحانه فيها القرآن هدى للنّاس ، و هذه الليلة فضّل الله سبحانه و تعالى فيها العمل و رتّب عليه الأجر الكبير ، فمن قام هذه الليلة إيماناً و احتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ، و كذلك يحبذ الدّعاء و الذّكر و قراءة القرآن في هذه الليلة و قد أرشد النّبي صلّى الله عليه و سلّم السّيدة عائشة حين سألته ماذا أصنع إذا أدركت ليلة القدر ، قال لها قولي اللهم إنّك عفوٌ تحبّ العفو فأعفو عنّي .
و قد اختلف العلماء و السّلف الصّالح في تحديد ليلة القدر ، و قد أوشك النّبي عليه الصّلاة و السّلام أن يخبر أصحابه بموعدها فخرج فوجد رجلان يتشاجران فرفع علمها لأجل ذلك ، و أمر النّبي الكريم أصحابه أن يتحرّوها في العشر الأواخر من رمضان و في روايةٍ التمسوها في الوتر من العشر الأواخر أي الأيّام الفرديّة ، و قد تحدّث بعض العلماء أنّها ليلة السّابع و العشرين من رمضان منهم الصّحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنه ، و استنتج ذلك من أنّ الله سبحانه قد جعل السّموات سبع و الأرض سبع و كثيراً من احوال الدّنيا سبعاً ، و هناك من رأى أنّها تستنبط من كلمة هي في سورة القدر ، حيث قال تعالى ( سلام هي حتّى مطلع الفجر ) ، فكلمة هي تأتي السّابعة و العشرين في السّورة .
أمّا بالنسبة لعلامات و دلائل هذه الليلة المباركة فتعرف ما هو صحيح منها و وردنا من النّبي عليه الصّلاة و السّلام هو أنّ الشّمس تطلع في صبيحتها بيضاء من غير شعاعٍ و في رواياتٍ تكون الليلة فيها لا باردةٌ و لا حارةٌ ، أمّا ما يروى سوى ذلك العلامات و دلائل كعدم نبح الكلاب و سجود أوراق الشّجر فممّا لا يصحّ نسبته للنّبي عليه الصّلاة و السّلام ، و إن جاز حدوث ذلك نظراً لأنّها ليلةٌ كلّها سلامٌ و طمأنينةٌ و لما يؤدّيه العباد فيها من الذّكر و الصّلاة و العبادة ، و كذلك نزول الملائكة فيها ممّا يبث الشّعور بالرّاحة و السّكينة في نفوس الخلق .