قامت الدولة الإسلامية الأولى على مبادئ العدل والمساواة وأيضاً الحرية، وهذه المبادئ لم تكن متواجدة في ذلك الوقت إلا في الدولة الإسلامية، ولقد أرسى الرسول هذه المبادئ العظيمة قبل وفاته -صلى الله عليه وسلم- واستمر الخلفاء الراشدون سائرون على هذا النهج النبوي العظيم.
بيت المال
يمكن القول أن بيت المال هو ذلك المكان الذي يتم فيه جمع كل ما يأتي إلى الدولة من أموال متعددة من المصادر المختلفة، وكان هذا المصطلح موجوداً من بداية الإسلام وتأسيس الدولة أي منذ عهد الرسول الأعظم – صلى الله عليه وسلم -، حيث كان – عليه السلام – يأمر بجمع الأموال من أتباع الدولة كلُّ بما يجب عليه، ومصادر هذه الأموال متوزعة ومتنوعة ما بين الزكاة والصدقة والجزية وغنائم المعارك والخراج وغيرها، بحيث تؤدى كل هذه الأموال إلى بيت مال المسلمين، وتأسيس هذا النظام المالي في أول عهد الدولة الإسلامية يدلّ على حنكة النبي الاقتصادية وبراعته الإدارية.
بعدما توسعت رقعة الدولة الإسلامية ابتداءً من عهد فاروق الأمة عمر بن الخطاب، فقد ذهبت فترة ولاية الصديق في محاربة المرتدين عن الدين، دخلت كل من العراق والشام ومصر عدا عن الجزيرة العربية بالإضافة إلى وصول المسلمين إلى ما بعد إيران في العمق الآسيوي، وبسبب هذا التوسع الهائل والضخم للأراضي الإسلامية التي أدرها الفاروق بحنكة سياسية قل نظيرها، كانت الأموال تأتي تباعاً إلى عاصمة الدولة الإسلامية آنذاك وهي المدينة المنورة، فقد كانت المدينة المنورة هي مركز الدولة، وكان النظام الإداري آنذاك هو نظام مركزي، من هنا فبعد أن تأتي الأموال إلى مقر الخلافة ومركزها، يعاد توزيعها بالشكل العادل.
من كثرة الأموال التي كانت تتوافد إلى مركز الخلافة الإسلامية، ومن الخوف الشديد الذي كان يبديه الخليفة عمر بن الخطاب، فقد أمر – رضي الله عنه – بإنشاء ما يعرف بـ " الديوان " والذي يتم من خلاله تسجيل مستحقات الرعية ومستحقات الجند في ديوان عرف بديوان العطاء.
سياسة ابن الخطاب لم تكن قائمة على مبدأ الادّخار لوقت الحاجة، بل كان بيت المال يفرغ أولاً بأول على المستحقين، مما جعل رعايا الدولة وكأنّهم شركاء في الدولة. نهج الإمام علي بن أبي طالب لم يكن مخالفاً لنهج الفاروق، بل كانا متقاربين في طريقة التفكير، حيث كان علي بن أبي طالب يفرغ ما في بيت المال في كل أسبوع على رعايا الدولة. وهذا من حسن تدبير الخلفاء الأوائل في إدارة بيت مال المسلمين.