الشعر الفصيح
هو الشعر الذي يُبنى بالاعتماد على قواعد العروض الشعرية التي وضعها الفراهيدي، يلتزم بقافية واحدة وبحر شعريّ ذي نغمة موسيقية ثابتة. نقدّم لكم في هذا المقال مجموعة من أبيات الشعر العربي الفصيح المختلفة.
أبيات شعرية عن الأخلاق
- والمرءُ بالأخلاقِ يسمو ذكْرهُ
وبها يُفضلُ في الورى ويوقرُ
وقد ترى كافراً في الناسِ تحسَبُهُ
جهنمياً ولكنْ طَيُّةُ الطهرُ
وقد ترى عابداً تهتزُّ لحيتُه
وفي الضميرِ به من كفرهِ سَقرُ
أوغلْ بدنياكَ لا تنسَ الضميرَ ففي
طياتِه السرُ عندَ اللّهِ ينحصرُ.
- خالقِ الناسَ بخلقٍ حسنٍ
لا تكنْ كلباً على الناسِ يهرْ
والقهمْ منكَ ببشرٍ ثم صنْ
عنهمُ عرضَكَ عن كلِّ قَذرْ.
- إِني لتطربُني الخِلالُ كريمةً
طربَ الغريبِ بأوبةٍ وتلاقِ
ويَهُزُّني ذكْرُ المروءةِ والندى
بين الشمائلِ هزةَ المشتاقِ
فإِذا رُزقتَ خَليقةً محمودةً
فقد اصطفاكَ مقسِّمُ الأرزاقِ
والناسُ هذا حظُّه مالٌ وذا
علمٌ وذاكَ مكارمُ الأخلاقِ
والمالُ إِن لم تَدَّخِرْه محصناً
بالعلمِ كان نهايةَ الإملاقِ.
- صلاحُ أمرِكَ للأخلاقِ مرجعُه
فقوِّم النفسَ بالأخلاقِ تَسْتَقِمِ
والنفسُ من خيرِها في خيرِ عافيةٍ
والنفسُ من شَرِّها في مرتع وخمِ.
- حافظْ على الخلقِ الجميلِ ومُرْ به
ما بالجميلِ وبالقبيحِ خَفاءُ
إِن ضاقَ مالكَ عن صديقِكَ فالقَه
بالبشرِ منكَ إِذا يحينُ لقاءُ.
- لمّا عفوتُ ولم أحقد على أحد
أرحتُ نفسي من هم العداوات
إني أُحيّي عدوّي عند رؤيته
لأدفع الشرّ عنّي بالتحيّات
وأظهر البشر للإنسان أبغضه
كما إن قد حشى قلبي مودّات.
- قد يحوزُ الإِنسانُ علماً وفَهْماً
وهو في الوقتِ ذو نِفاقٍ مرائي
ربَّ أخلاقٍ صانَها من فسادٍ
خوفُ أصحابِها من النقادِ
وإِذا لم يكنْ هنالكَ نقدٌ
عمَّ سوءُ الأخلاقِ أهلَ البلادِ.
أبيات شعرية عن الحزن
- ولا حزنٌ يدوم ولا سرورٌ
ولا بؤسٌ عليك ولا رخاء
إذا ما كنت ذا قلب قنوع ٍ
فأنت ومالك الدنيا سواء.
- أرى الحزن لا يجدي على من فقدته
ولو كان في حزني مزيد لزدته
تغيّرت الأحوال بعدك كلها
فلست أرى الدنيا على ما عهدته
عقدتُ بك الأيمان بالنّجح واثقاً
فحلّت يد الأقدار ما قد عقدته
وكان اعتقادي أنك الدهر مسعدي
فخانتني الأيام فيما اعتقدته
أردت لك العمر الطويل فلم يكن
سوى ما أراد الله لا ما أردته
فيا وحشة من مؤنس قد عدمته
ويا وحدة من صاحب قد فقدته
وداع دعاني باسمه ذاكراً له
فأطربني ذكر اسمه فاستعدته
فقدت أحبّ الناس عندي وخيرهم
فمن لائمي فيه إذا ما نشدته.
- أيّها الحُـزنُ الذي يغشى بِـلادي
أنا من أجلِكَ يغشاني الحَـزَنْ
أنتَ في كُلِّ مكـانٍ
أنتَ في كُلِّ زَمـَنْ .
دائـرٌ تخْـدِمُ كلّ الناسِ
مِـنْ غيرِ ثَمـَنْ
عَجَبـاً منكَ .. ألا تشكو الوَهَـنْ؟!
أيُّ قلـبِ لم يُكلّفكَ بشُغلٍ؟
أيُّ عيـنٍ لم تُحمِّلكَ الوَسَـنْ؟
ذاكَ يدعـوكَ إلى استقبالِ قَيـدٍ
تلكَ تحـدوكَ لتوديـعِ كَفَـنْ
تلكَ تدعـوكَ إلى تطريـزِ رُوحٍ
ذاكَ يحـدوكَ إلى حرثِ بَـدَنْ
مَـنْ ستُرضي، أيّها الحُـزنُ، ومَـنْ؟!
وَمتى تأنَفُ من سُكنى بـلادٍ
أنتَ فيهـا مُمتهَـنْ؟!
– إنّني أرغـبُ أن أرحَـلَ عنهـا
إنّمـا يمنعُني حُـبُّ الوَطـنْ!
- كتابُ حياةِ البائسينَ فصولُ
تليها حَواشٍ للأسى وذيولُ
وما العمرُ إِلا دمعةٌ وابتسامةٌ
وما زادَ عن هذي وتلكَ فضولُ
ولولا يدُ الإِنسانِ ما كان للأسى
إِلى شاعرِ الطيرِ البريءِ وُصُولُ.
أبيات شعرية عن الوطن
- ولي وطنٌ آليتُ ألا أبيعَهُ
وألا أرى غيري له الدهرَ مالكا
عهدتُ به شرخَ الشبابِ ونعمةً
كنعمةِ قومٍ أصبحُوا في ظلالِكا
وحبَّبَ أوطانَ الرجالِ إِليهمُ
مآربُ قضاها الشبابُ هنالكا
إِذا ذَكَروا أوطانهم ذكرَّتهمُ
عهودَ الصِّبا فيها فَحنُّوا لذاكا
فقد ألفتهٌ النفسُ حتى كأنهُ
لها جسدٌ إِن بان غودرَ هالكا
موطنُ الإِنسانِ أمٌ فإِذا
عقَّهُ الإِنسانُ يوماً عقَّ أمَّه.
- بلادي لا يزالُ هواكِ مني
كما كانَ الهوى قبلَ الفِطامِ
أقبلُ منكِ حيثُ رمى الأعادي
رُغاماً طاهراً دونَ الرَّغامِ
وأفدي كُلَّ جلمودٍ فتيتٍ
وهي بقنابلِ القومِ اللئامِ
لحى اللّهُ المطامعَ حيثُ حلتْ
فتلكَ أشدُّ آفات السلامِ.
- ومن لم تكنْ أوطانهُ مفخراًُ لهُ
فليس له في موطنِ المجدِ مفخرُ
ومن لم يبنْ في قومهِ ناصحاً لهم
فتعرف ما هو إِلا خائنٌ يتسترُ
ومن كانَ في أوطانهِ حامياً لها
فذكراهُ مسكٌ في الأنامِ وعنبرُ
ومن لم يكنْ من دونِ أوطانهِ حمى
فذاك جبانٌ بل أَخَسُّ وأحقرُ.
- بلادي هواها في لساني وفي دمي
يُمجّدُها قلبي ويدعو لها فمي
ولا خيرَ فيمن لا يحبُّ بلادَهُ
ولا في حليفِ الحب إن لم يتيم
ومن تؤوِهِ دارٌ فيجحدُ فضلها
يكن حيواناً فوقه كل أعجمِ
ألم ترَ أنَّ الطيرَ إن جاءَ عشهُ
فآواهُ في أكنافِهِ يترنم
وليسَ من الأوطانِ من لم يكن لها
فداء وإن أمسى إليهنَّ ينتمي
على أنها للناس كالشمس لم تزلْ
تضيءُ لهم طراً وكم فيهمُ عمي
ومن يظلمِ الأوطان أو ينسَ حقها
تجبه فنون الحادثات بأظلم
ولا خيرَ فيمنْ إن أحبَّ دياره
أقام ليبكي فوقَ ربعٍ مهدم
وقد طويتْ تلك الليالي بأهلها
فمن جهلَ الأيامَ فليتعلم
وما يرفع الأوطانَ إلا رجالها
وهل يترقى الناسُ إلا بسُلَّمِ
ومن يكُ ذا فضلٍ فيبخل بفضلهِ
على قومهِ يستغنَ عنه ويذمم
ومن يتقلبْ في النعيم شقيْ بهِ
إذا كان من آخاهُ غيرُ منعم.
- ذكرتُ بلادي فاسْتَهَلَّتْ مدامي
بشوقي إِلى عهدِ الصِّبا المتقادمِ
حننتُ إِلى أرضٍ بها اخضرَّ شاربي
وقطِّع عني قبل عقدِ التمائمِ.
أبيات شعرية عن الفراق
- أَلا إِن قلبي من فراق أحبتي
وإن كنت لا أبدي الصبابة جازع
ودمعي بين الحزن والصبر فاضحي
واستري عن العُذّال عاصٍ وطائع.
- شكا ألمَ الفراقِ الناسُ قبلي
ورُوِّعَ بالنوى حيٌ وميتُ
وأمّا مِثْلُ ما ضَمَّتْ ضلوعي
فإِني ما سَمِعْتُ ولا رَأَيْتُ.
- إذا الخِلّ لَمْ يَهْجُرْكَ إلاّ مَلالَة
فليسَ لهُ إلا الفراقَ عتابُ
إذَا لَمْ أجِدْ مِنْ خُلّة ما أُرِيدُهُ
فعندي لأخرى عزمةٌ وركابُ
وَلَيْسَ فرَاقٌ ما استَطَعتُ، فإن
يكُن فراقٌ على حالٍ فليسَ إيابُ.
- ومافي الأرضِ أشْقَىْ من مُحِبٍّ
وإِن وجدَ الهوى حلوَ المذاَقِ
تراهُ باكياً في كلِّ وقتٍ
مخافةَ فرقةٍ أو لاشتياقِ
فيبكي إِن نَأوا شوقاً إِليهم
ويبكي لإِن دَنَوا خوفَ الفراقِ
فتسخُنُ عينهُهُ عندَ التنائيْ
وتسخنُ عينُه عند التلاقي.
- أشكو الفراق إلى التلاقي
وإلى الكرى سهرَ المآقي
وإلى السُّلوِّ تفجُّعي
وإلى التصبُّر ما أُلاقي
وإلى الذي شطتْ به
عني النَّوى طول اشتياقي
وطوتْ حشايَ على الجوى
لما طوتْه يدُ الفراق
صبراً فرُب تفرقٍ
آتٍ بقربٍ واتفاق.
- فِراقٌ وَمَنْ فَارَقْتُ غَيرُ مُذَمَّمِ
وَأَمٌّ وَمَنْ يَمّمْتُ خيرُ مُيَمَّمِ
وَمَا مَنزِلُ اللّذّاتِ عِندي بمَنْزِلٍ
إذا لم أُبَجَّلْ عِنْدَهُ وَأُكَرَّمِ
سَجِيّةُ نَفْسٍ مَا تَزَالُ مُليحَةً
منَ الضّيمِ مَرْمِيّاً بها كلّ مَخْرِمِ
رَحَلْتُ فكَمْ باكٍ بأجْفانِ شَادِنٍ
عَلَيّ وَكَمْ بَاكٍ بأجْفانِ ضَيْغَمِ
وَمَا رَبّةُ القُرْطِ المَليحِ مَكانُهُ
بأجزَعَ مِنْ رَبّ الحُسَامِ المُصَمِّمِ
فَلَوْ كانَ ما بي مِنْ حَبيبٍ مُقَنَّعٍ
عَذَرْتُ وَلكنْ من حَبيبٍ مُعَمَّمِ
رَمَى وَاتّقى رَميي وَمن دونِ ما اتّقى
هوىً كاسرٌ كفّي وقوْسي وَأسهُمي
إذا ساءَ فِعْلُ المرْءِ ساءَتْ ظُنُونُهُ
وَصَدَقَ مَا يَعتَادُهُ من تَوَهُّمِ
وَعَادَى مُحِبّيهِ بقَوْلِ عُداتِهِ
وَأصْبَحَ في لَيلٍ منَ الشّكّ مُظلِمِ
أُصَادِقُ نَفسَ المرْءِ من قبلِ جسمِهِ
وَأعْرِفُهَا في فِعْلِهِ وَالتّكَلّمِ.