من أعظم نعم الله تعالى علينا هي نعمة المال، وهي النعمة التي لولاها لما استطاع الإنسان أن يحيا وأن يعيش، فالمال هو الوسيلة التي بها نستطيع أن نواجه مصاعب الحياة، وهي الوسيلة التي بها نستطيع أن نعمل على إزالة كافة الصعوبات من حولنا والتي تتعلق بالكثير من الأمور، ولكن هذا لا يعني أن المال يجلب السعادة بل على العكس تماماً فقد يجلب المال التعاسة والوبال على الإنسان، ومن هنا فيتوجب على الإنسان أن يعي تماماً كيف سيستعمل هذا المال الذي أعطاه الله إياه وأن لا يجعله نقمة عليه، يجر عليه الحسرة والخسارة والندامة.
من أعطاه الله تعالى المال، أو من أعطاه راتباً شهرياً عن طريق عمل يعمله، ينبغي عليه أن يحسن تدبيره وأن يعرف تمام المعرفة كيف سينفق هذا المال الذي أعطاه الله إياه، فهذا المال إن لم يحسن استغلاله بالطريقة المثلى فإنه سوف يضيع منه في ليلة وضحاها وبالتالي فإنه لن يعرف من أين سيأتي بالمال في حال احتاج إليه في المستقبل في الظروف الصعبة للإنسان، فالظروف الصعبة قد تأتي على الإنسان في اى وقت وبطريقة فجائية، بحيث لا يعلم الإنسان كيف ومن أين أتت هذه الظروف والأيام الحالكة عليه، ومن هنا فإن الإنسان يتوجب عليه أن يحسن استغلال أمواله بالطريقة المثلى حتى يحقق أمرين معاً الأول وهو الاستمتاع ببهجة الحياة والثاني ادخار القليل من الأموال لوقت الحاجة إليها.
يجب على كل عائلة أو كل فرد أن يضع كامل الإيراد الشهري في بداية كل شهر، أو في الموعد الذي يتوقع فيه استلام مبلغ من النقود، ثم وبعد ذلك يبدأ بعمل حسبة بسيطة يضع من خلالها كافة الالتزامات المالية التي عليه جانباً حتى لا تتراكم الديون عليه ويضطر إلى تسديد دفعات كبيرة في وقت واحد في يوم من الأيام، ثم يقرر كم يبلغ المبلغ الذي ينوي ادخاره، ثم يبرمج مصروفاته على ما تبقى، فلا يجوز أـن يكون الادخار مما تيقى بعد الصرف، كما ويفضل أن يضع هذا الشخص أمواله المدخرة في مكان بعيد عن متناول يداه، حتى لا يسحب منه كلما احتاج، لذلك. ومن هنا نرى أن عملية ادخار المال تعلم الإنسان أن يبرمج نفسه وأن يقنع بكل ما لديه من أموال، وأن لا يشتري ما لا يحتاجه، فإذا اشترى الإنسان ما لا يحتاجه اليوم اضطر إلى أن يبيع ما يحتاج إليه في الغد.