أعطى الله سبحانه وتعالى نبيه الكريم محمد عليه الصلاة والسلام مكانة عظيمة بين البشر، فهو سيد بني آدم وهو صاحب الشفاعة؛ حيث يشفع لأهل الكبائر من هذه الأمة، وهو كذلك صاحب المقام المحمود الذي أعطاه الله إياه؛ حيث يقوم لله رب العالمين ليشفع للخلائق جميعها حتى يرحمها الله من بعد الوقوف الطويل والانتظار للعرض والحساب.
إن هذه المكانة الجليلة للنبي عليه الصلاة والسلام لم تمنعه من أن يشكر الله تعالى على ذلك بالحرص على عبادة الله والقيام، فقد كان يصوم نوافل كثيرة ويقوم حتى تتفطر قدماه فتأتيه السيدة عائشة رضي الله عنها لتستفهم منه عن سبب قيامه بالليل وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فيكون رده عليه الصلاة والسلام أفلا أكون عبدا شكورا .
خاطب الله سبحانه وتعالى نبيه الكريم في سورة المزمل، وأمره بقيام الليل بقوله تعالى (يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا، أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا)، لذلك رأى كثير من العلماء أن قيام الليل كان واجبا على النبي عليه الصلاة والسلام، أما بالنسبة لعامة المسلمين فهو سنة مؤكدة، وقد كان النبي الكريم يقوم الليل بإحدى عشرة ركعة ويجتهد فيها، وقيل إنه كان يقوم باثنتي عشرة ركعة في النهار إذا غلبه وجع يمنعه من قيام الليل، وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قرأ مرة سورة البقرة وآل عمران والنساء في ركعة واحدة.
حث النبي عليه الصلاة والسلام المسلمين على قيام الليل في أكثر من حديث ومناسبة منها قوله عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه (نعم الرجل عبد الله لو أنه كان يقوم بالليل)، كما ذكر النبي الكريم أن احسن وأفضل الصلاة من بعد صلاة الفريضة هي صلاة الليل، وهي طريق إلى دخول الجنة ونيل الدرجات، ففي الحديث الشريف يصف النبي الكريم غرفا في الجنة يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها وقيل يا رسول الله هي لمن، قال لمن أطعم الطعام وأطاب الكلام وأدام الصيام وصلى بالليل والناس نيام، كما أن قيام الليل شرف للمؤمن، ومما يكسبه الجلال والهيبة والنور، وهو يقربه إلى ربه عز وجل .
وأخيرا، على المسلم أن يحرص على عدم تضييع وقته بالسهر ومشاهدة الأفلام والمسلسلات، وإنما يحرص على اتباع منهج السلف الصالح؛ حيث كانوا لا يسهرون بعد العشاء حتى يستيقظوا لصلاة الفجر وقيام الليل.