الجبل هو تلك القمّة الشامخة ذات السفوح المنحدرة والمرتفعة عن سطح الأرض، فبالرغم من شموخها وارتفاع قمتها إلا أنّ لها جذوراً مغروسة تحت سطح الأرض، لتحافظ على توازن القشرة الأرضيّة، كما قال جل وعلا في كتابه الكريم: " وجعلنا الجبال أوتادا"، فمهمة الجبال المحافظة على القشرة الأرضيّة وتوازنها وعدم اضطرابها، وكذلك فهي تعمل على حماية القشرة الأرضيّة، لذا تعد الجبال من أكثر التضاريس الأرضيّة المهمّة على سطح الأرض لأنه لولاها لكان من المستحيل استمرار الحياة على قشرة أرضيّة مضطربة وغير متزنة.
ويمكن تعريف ومعنى الجبل – بحسب ما ورد في القاموس الإنجليزي أكسفورد – على أنّه ا( رتفاع طبيعي عن سطح الأرض بحيث يرتفع بشكل أكبر أو أقل من مستوى سطح البحر وذلك ليشكّل ارتفاع نسبي خاص به عما يجاوره من باقي الارتفاعات )، وللجبال أمثلة كثيرة حول العالم، ومن الأمثلة المشهورة والمعروفة على الجبال هو جبل طارق.
جبل طارق، أو كما حرّفها الإنجليز ( جبرلتار )، سُمي بهذا الاسم نسبةً إلى أمير طنجة الذي استلمها في القرن الأول الهجري طارق بن زياد، وتشكّل منطقة جبل طارق منطقة حكم ذاتي تتبع للتاج البريطاني، بحيث تقع هذه المنطقة على شبه جزيرة إيبيريا أي في أقصى جنوبها على تلك المنطقة الصخريّة المتداخلة مع مياه البحر الأبيض المتوسط.
ويستحوذ جبل طارق على الحيز الأكبر من مساحة تلك المنطقة المفتقرة إلى الأراضي الزراعية، وذلك بالرغم من اعتدال مناخها صيفاً وشتاءً إذ يبلغ معدل درجة حرارتها القصوى في الصيف 29 درجة، كما يبلغ معدل درجة حرارتها الدنيا في الشتاء 13 درجة، كما أنّ هذا الجبل يمتاز بتكوّنه من كتل صخريّة هائلة الحجم من الحجر الجيري، ويقدّر ارتفاع جبل طارق بما يقارب 426 متر فوق سطح البحر.
وتاريخ منطقة جبل طارق زاخرٌ بالأحداث التاريخيّة والحضارات الإنسانيّة التي قامت عليه، فتعتبر من المناطق التي سكنها البشر منذ قديم الزمان، حيث كان أول من سكن تلك المنطقة هم الفينيقيون عام 950 ق.م، وتلاهم الرومان مباشرةً، وكان من أهم ما عملوه في هذه المنطقة هو إنشاءهم لمستوطنة صغيرة، وبقيت هذه المستوطنة صامدة إلى أن سقطت الإمبراطورية الرومانية، وبعد الرومان جاء الفاندال إلى المنطقة، وبعد ذلك عملت إسبانيا على ضمها ضمن حدودها، وبقيت المنطقة على هذا الحال إلى أن جاء الفتح الإسلامي، حيث مر المسلمون من منطقة المغرب بقيادة القائد طارق بن زياد وذلك في عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك، بتاريخ 30 نيسان في عام 711.