الاعتكاف
الاعتكاف مصدر اعتكف، وفي اللغة: هو لزوم الشيء وحبس النفس عن التصرفات العادية، أما معناه في الشرع: هو المكوث في المسجد من شخص مخصوص بصفة مخصوصة، وهو الالتزام في المسجد بنية العبادة والتفرغ لها فقط، وهو عبادة عظيمة ذكرت في كتاب الله تعالى: من هذه الآيات قوله تعالى لخليله إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام: {وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود}.
حكمه وما يجب على المعتكف القيام به
احسن وأفضل ما يكون في رمضان الاعتكاف وحكمه عبادة وسنة، أي يجوز للمعتكف ترك اعتكافه وقت شاء، والخروج منه لأنه سنة والسنة يجوز تركها، وهو يكون في اى مسجد من مساجد الله تعالى تقام فيه صلاة الجماعة، ويسمح أيضا الاعتكاف في المسجد الحرام، والمسجد النبوي الشريف، وذلك للرجل والمرأة على حد سواء، بشرط أن لا يتسبب هذا الاعتكاف بأذى أو ضرر للمصلين، وعلى المعتكف التزام العبادة والاشتغال بالصلاة والذكر والعبادة فقط، ويتوجب على المعتكف عدم الحديث مع الناس، وألا يخرج من اعتكافه إلا لقضاء حاجة، أو لحاجة الطعام وذلك إذا لم يحضر أحد له طعاما، ولا يجوز للمرأة المعتكفة أن يأتيها زوجها وهي معتكفة، وأيضا لا تأتي الزوجة لزوجها وهو معتكف.
أقسامه
يقسم الاعتكاف إلى قسمين: الاعتكاف المسنون: فهو ما قام به المسلم تطوعا وتقربا لله عز وجل، طالبا منه تعالى الأجر والثواب، وقدوة برسولنا صلى الله عليه وسلم. الاعتكاف الواجب: وهو ما أوجبه المسلم على نفسه من نذر مثلا كأن يقول: لله علي أن أعتكف إن شفي مريضي.
اعتكاف الرسول صلى الله عليه وسلم في رمضان
عن أبي هريرة قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل رمضان عشرة أيام فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوما»، فهو صلى الله عليه وسلم قدوة للمسلمين، لأن احسن وأفضل اعتكاف هو الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان لعله يصادف ليلة القدر، فيقوم بالتعبد فيها على أكمل وجه، ولا يوجد دليل على أفضلية الاعتكاف في أيام غير رمضان، وقد أفتى الرسول صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه بأن يعتكف في غير رمضان وفاء لنذره، وتعتبر هذه الفتوى شرعا للأمة أجمع. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يجعل له قبـة يعتكف فيها، والقبـة عبارة عن خيمة من صوف أو وبر، يوجد بداخلها سريره وفراشه وحاجياته، في الليلة التي يريد الاعتكاف فيها يصلي الفجر ويدخل قبته وحده، ليتسنى له الخلو لعبادة الله تعالى والصلاة والذكر، ولا يخرج من اعتكافه إلا لحاجة الإنسان، وكان صلى الله عليه وسلم يخرج رأسه من المسجد إلى بيت عائشة رضي الله عنها، فتقوم بغسله وهو في المسجد وهي حائض، ولم يأتي زوجاته ولم يباشرهن وهو معتكف ولا حتى بقبلة، ونستنتج من ذلك وجوب تقيد المسلمين المعتكفين بما كان يفعل صلى الله عليه وسلم في معتكفه، وينبغي على المعتكف ألا يبطل اعتكافه بأمر من أمور الدنيا، وذلك اقتداء بأخلاق طرق ووصفات رسولنا صلى الله عليه وسلم.