توعّد الله سبحانه و تعالى عباده الضّالين و الكافرين بالعذاب الأليم في الآخرة ، فرحلة الكافر و المشرك في العذاب مستمرةٌ ، تبدأ من لحظة خروج روحه و انتقاله إلى القبر و حياة البرزخ ، بل و إنّ العذاب يبدأ قبل ذلك فقد يصيب الله به المتجبّرين في الدّنيا قبل الآخرة كمن خسف الله بهم الأرض و من عذّبهم بصنوف العذاب المهين من الأقوام السّابقة الذين كفروا برسالات الله ، و أحياناً يصيب من يعصي الله العذاب المؤقّت المحدود لعلّه يرجع عن عمله و عصيانه فيتوب إلى الله و ينيب ، قال تعالى ( و لنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلّهم يرجعون ) .
و قد صحّ عن النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم أنّه تعوّذ من عذاب القبر و أنّ للقبر ضمةٌ و مطارق من حديدٍ لضرب الكافرين الضّالين في قبورهم ، و ما أعدّه الله من العذاب في الآخرة أشدّ و أنكى ، قال تعالى ( و لعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون ) ، و كما جعل الله الجنّة درجاتٍ للمؤمنين أعلاها منزلةً الفردوس الأعلى فقد جعل الله عذاب النّار درجاتٍ فأشدّها عذاب فرعون و زمرته و من كان في مثله بالوزر ، و أخفّ أهل النّار عذاباً كما صحّ عن النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم أبو طالب إذ تنفعه شفاعة النّبيّ له فهو من نصره و آزره حين حاربه قومه و لكنّه رفض الإيمان برسالة التّوحيد فكان عذابه أن ينتعل نعلين يغلي منهما دماغه ، فقد أخرجه النّبي بشفاعته من غمرات النّار إلى ضحضاح من النّار ، و قد ثبت أنّ المنافقين في الدّرك الأسفل من النّار – و العياذ بالله - .
و شجرة الزّقوم هي شكلٌ من أشكال العذاب الذي أعدّه الله لعباده الكافرين و الضّالين ، فهي شجرةٌ تخرج في أصل الجحيم ، و قد وصفها سبحانه بأنّ طلعها كرؤوس الشّياطين ، و قد جعلها الله فتنةً للضّالين الذين قالوا بعد سماع حديث القرآن عنها و تساءلوا كيف يكون في النّار شجرةً و النّار تحرق الشّجر، فكان هذا الامر فتنةً لهم و اختبارا ، فالله قادرٌ على كل شيء ، و قد تكون مادّة الشّجرة ممّا لا تعرفه و تدركه عقولنا و لا تشابه شجر الدّنيا ، و وصفت شجرة الزّقوم بأنّها طعام الأثيم كالمهل أي الزّيت شديد السّخونة تغلي منه بطون الكافرين ، أعاذنا الله من النّار و عذابها .