أرسل الله تعالى نبيّه موسى عليه السّلام إلى بني إسرائيل برسالة التّوحيد والإيمان، وقد كان قوم موسى عليه السّلام في مصر يتعرّضون لأبشع معاملة من قِبل فرعون وجنده، فقد كان فروعون يستحي نساءهم أي يبقيهم أحياء ليخدموا رعيّته وحاشيته ويقتّل أبناءهم، وقد بلغ في الاستكبار مبلغًا لا حدّ له، فقد تحدّى فرعون موسى عليه السّلام أكثر من مرّة، وعندما طلب سيّدنا موسى منه أن يرسل معه بني إسرائيل رفض واستكبر، وقد قرّر موسى عليه السّلام أن يخرج بقومه بعيدًا عن أعين النّاس، وحينما أعدّوا العدّة للهروب من مصر والنّجاه بدينهم علم فرعون بأمرهم فجمع جنده للّحاق بهم، وقد خشي قوم موسى أن يدركهم فرعون وجنوده ولكنّ موسى عليه السّلام ثبّتهم وبيّن لهم أنّ الله تعالى معهم، وعندما وصلوا إلى اليمّ أمر الله تعالى الملائكة بأن تضرب البحر بأجنحتها فانفلق البحر إلى شقّين كالجبلين، فعبر موسى عليه السّلام وجنده، وعندما جاء فرعون وجنده وهم يريدون عبور هذا الطّريق أمر الله تعالى اليمّ أن يعود كما كان، فغرق فرعون وجنده في اليمّ، وعندما أدركه الغرق آمن بالله تعالى، وقد بيّن الله تعالى في كتابه الكريم أنّه قد نجّى فرعون ببدنه ليكون للعالمين آية،
وقد عكف عددٌ من العلماء على دراسة ظاهرة تحنيط الفراعنة وبقاء أجسادهم حيّةً إلى وقتنا الحاضر، ومن بين هؤلاء العلماء كان العالم الفرنسي (موريس بوكاي) الذي قام بدراسة وتحليل جثّة أحد الفراعنة والذي يدعى رمسيس الثّاني، وقيل أنّ العالم الفرنسي قد اكتشف أمورًا عجيبةً عند دراسته وتحليله لهذه الجثّة، حيث تبيّن له بأنّ جثّة فرعون قد تعرّضت للغرق، كما ويوجد كسور في العظام على الرّغم من عدم تعرّض الجلد للتّمزق، وقد وجدت نسبةٌ من الأملاح في الجثّة، وقد استنتج من ذلك كلّه أنّ فرعون قد لقي حتفه غرقًا في اليمّ، ثمّ بعدها سارع قومه حين ألقى ربّ العالمين جثّته إلى اليابسة إلى تحنيطها، ومن ثمّ نقلت جثّته لتدفن في المقابر الملكيّة في وادي الملوك، وقد اكتشفت الجثّة أواخر القرن التّاسع عشر وهي الآن معروضة في المتحف المصري في القاهرة، فسبحان الله تعالى الذي بيّنت آياته قبل ألف وأربعمائة سنّة حقيقة ما جرى لفرعون الذي استكبر عن قبول دعوة الحقّ وعاث في الأرض فسادًا وطغيانًا، قال تعالى ( فاليوم ننجّيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية ) صدق الله العظيم .