ما يزال المشركون و أعداء الدّين يكيدون للإسلام و مقدساته بما تحمله قلوبهم من الضّغينة و الحسد و البغضاء ، و قد يظهرون ذلك علانيةً أحياناً ، و أحياناً كثيرةً يخفون عداوتهم ، قال تعالى ( قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ) ، فلا يزال الكفّار و المشركون إلى يوم القيامة ينظرون إلى الكعبة أقدس مقدسات المسلمين و أولى الحرمين الشّريفين نظرة كرهٍ و ضغينةٍ ، فهو بنظرهم المسجد الجامع لأفئدة المسلمين التي تهوي إليه ، و حيث تتوافد ملايين المسلمين على امتداد المعمورة قاصدةً هذا البيت لأداء المناسك التي شرعها الله تعالى ، فتصدح حناجرهم بالتّلبية و تكبير الله تعالى و تحفّهم الملائكة في مشهدٍ مهيبٍ ، و لأنّ الكفّار لا يمتلكون مثل هذا المكان الجامع تراهم يضمرون في أنفسهم و يبيّتون السّوء اتجاه ، و تخرج كثيراً أصواتٌ منكرةٌ من الغرب تدعو لهدم الكعبة ، و هم بذلك يسيرون على نهج أسلافهم عبر التّاريخ و على رأسهم أبرهة الحبشي ، فمن هو أبرهة الحبشي و تعرف ما هو الفعل المنكر الذي اشتهر به ؟ .
كان أبرهة الحبشي أو أبرهة الأشرم ملكاً حبشيّاً على اليمن ، و قد ساءه رؤية المسلمين يتوافدون من جميع البلاد إلى البيت الحرام تعظيماً لمكانته ، فخطرت في باله فكرة بناء مكانٍ يكون بديلاً عن هذا المكان ، فبنى لأجل ذلك كنيسة سمّاها القليس و دعا العرب إلى أن يحجّوا إليها و يقصدوها ، فأبى العرب ذلك حتى روي أنّ أحدهم قصد القليس فقضى حاجته فيها ، و عندما رأى أبرهة الحبشي احتقار العرب لهذا المكان قرّر أن يجمع جيشه لغزو الكعبة ، و قد جهّز لأجل ذلك قطيعاً من الفيلة ، و عندما اقترب جيش أبرهة من الكعبة جاءهم عذاب الله تعالى ، فأمطروا بحجارةٍ من سجّيل تحملها طيرٌ أبابيل فأصبحوا كالعصف المأكول ، و قد سمّي هذا العام التي حدثت فيه تلك الحادثة بعام الفيل نسبةً إلى الفيلة التي أتى بها أبرهة الحبشي لغزو الكعبة ، و هذا العام يصادف سنة 570 ميلاديا ، و هو العام الذي ولد به النّبي صلّى الله عليه و سلّم ، و استخدم للتأريخ قبل أن يأتي عام الهجرة و يحلّ محله .