النبي يوسف
يوسف اسم عبريّ ومعناه الزيادة أو يزيد ومعناه أن الله يمنح ويزيد، ويلفظ باللغة الفرعونيّة يوزرسيف، نبي الله يوسف اسمه بالكامل يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم وعليهم جميعاً السلام لأنّهم جميعاً انبياء لله تعالى، وقد اصطفاه الله نبياً من أنبيائه ورد ذكره في القرأن الكريم وسمّيت سورةٌ باسمه اسمها سورة يوسف،وهو الولد الثاني عشر من أولاد سيددنا يعقوب عليه السلام، وولد في مدينة فدان آرام في العراق وكانوا في ذلك الوقت يعيش يعقوب وأولاده عد خاله لابان وقد سمّته أمّه بهذا الاسم ليزيدها الربّ معتقدةً أنّ الله سيرزقها ولداً آخر ومن ثم ّماتت أمّه وعاد سيدنا يعقوب وأولاده الى فلسطين مهجر جدّه سيدنا ابراهيم عليه السلام.
بعد موت أمّه كان سيدنا يوسف صغيراً فكفلته عمّته فلما اشتد عوده واراد والده أن يأخذه خافت أن تبتعد عنه ففكرت في حيلة تبقيه عندها فخبئت تحت ثيابه منطقةً لأبراهيم كانت قد ورثتها عن جدها وادّعت أنها سرقت وعند البحث تبين أنّها موجودة في ملابس يوسف عليه السلام فبقي عندها يخدمها جزاء ما فعل حسب ما قالت وبالتالي بقي عندها ولم تفارقه.
حياة نبي الله يوسف
كان سيدنا يوسف عليه السلام محبوباً من أبيه ويؤثره على جميع إخوانه وهذا سبب غيرةً شديدةً من إخوانه تجاهه وفي يوم من الأيام قص يوسف عليه السلام رؤيا رأها فرد عليه أبوه وقال لا تخبر أخوتك بهذه الرؤية كما ورد ذكرها في القرآن الكريم ( إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ* قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ)عندها عرف سيدنا يعقوب أن ابنه يوسف سيكون ذا شأن عند الله عزوجل ونبي له الولاية.
بعد تلك الرواية حسده إخوته ومكانته عند أبيه فدبروا له مكيدة تبعده عنهم وعن ابيهم ليحلوا لهم وجه أبيهم فرموه بالجبّ وعادوا وقالوا لأبيهم أكله الذئب حاملين معهم قميصه ملطخ بدماء مزيفة فحزن أبوه حزناً شديداً عليه ولم يصدق الرواية وبقي سيدنا يوسف في الجب حتى جائت قافلة فألتقطته واخذته معها الى مصر ودخلوا مصر واشتراه عزيز مصر وزوجته زليخة وتربّى في قصر عزيز مصر حتى أصبح شاباً وكانت في ذلك الوقت مصر تعبد الأوثان وتعبد الوثن أمون.
مواقف حدثت معه
عشقته زوجة عزيز مصر وراودته عن نفسه (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) فرفض ودبرت له مكيدةً فسجنته بها كمال قال الله تعالى في كتابه على لسان سيدنا يوسف (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) وبقي في السجن ما بين ثلاث الى تسع سنين وكان يدعو السجناء الى عبادة الله تعالى وكان معه في السجن رئيس الخبازين في القصر وسقا الملك الخاص(وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانَ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) ورأى كل منهم رؤيا ففسر سيدنا يوسف رؤيا الخباز انه سيتم صلبه وستأكل الطيور من رأسه وفسّر رؤيا من سقا الملك أنه سيعود الى عمله سقا الملك الخاص وتحققت رؤيا الأثنين ومات رئيس الخبازين وخرج سقا الملك وقبل أن يخرج وصاه سيدنا يوسف أن يذكره عند الملك ونسي ساقي الملك ما وصاه سيدنا يوسف لأنّ الله أراد ذلك ولبث سيدنا يوسف في السجن بعد ذلك بضع سنين كما قال الله تعالى في محكم تنزيله: (وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ). رأى ملك مصر رؤيا عدّة مرات (وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ) وطلب من المعبرين أن يفسروها له ولكنهم لم يستطيعوا ذلك وقالوا عنها مجرد أضغاث أحلام فتذكر ساقي الملك سيدنا يوسف وأخبر الملك أنّ هناك شخص في السجن يستطيع أن يفسر الرؤيا فارسله الملك إلى يوسف في السجن وفعلاً فسر سيدنا يوسف الرؤيا أن البقرات السبع السمان هن سنوات سبع من الخير والمطر والغيث أمّا السبع العجاف فهي سبع سنوات من القحط والمحل وطلب منهم سيدنا يوسف أن يدخروا ايام الخير لأيام القحط، وتفسير الرؤيا أعجب الملك فأخرجه من السجن وجعله مقرب منه وجعله على خزائن مصر والغلال لمواجهة ايام القحط الصعبة (وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاء نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاء وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ).
ثمّ بدأت سنين المحل والقحط وجاء إخوة سيدنا يوسف لمصر لشراء الحبوب وعرفهم سيدنا يوسف وطلب منهم إحضار أخيهم ليكون لهم حصّةً أكبر من الحنطة وإلا لن يكون لهم حبوب في المرة القادمة وفعلاً عادوا إلى فلسطين وأخبروا سيدنا يعقوب ما دار من حول أمر أخيهم وأعطوا المواثيق لأبيهم وفعلاً سمح لأخيهم بالذهاب معهم وعند وصولهم أكرمهم سيدنا يوسف وعمل حيلة استبقى فيها أخاه عنده وعادوا الى فلسطين بدونه وحزن أبوه حزناً شديداً وبعد ذلك ذهب سيدنا يعقوب الى مصر واجتمع بابنه وتحقّقت رؤيا سيدنا يوسف: (فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ* وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاء إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) وبعد ذلك بزمن مات سيدنا يوسف عليه السلام.
موقع قبر سيدنا يوسف عليه السلام
دفن سيدنا يوسف عليه السلام في مصر ومن ثمّ نقله سيدنا موسى مع أصحابه الى مدينة نابلس في فلسطين بناءً على وصيةٍ من سيدنا يوسف عليه السلام.