الخلافات البشرية تحصل وقد تصل هذه الخلافات إلى حد المعارك الطاحنة التي تزهق العديد من أرواح الأبرياء من الناس، فليس هناك من هو مقدس غير الأنبياء والرسل، وليس هناك من هو معصوم غيرهم، فكل ما عداهم هم أنسا عاديون جداً يخطؤون ويصيبون.
بعد مقتل الخليفة الراشدي الثالث عثمان بن عفان – رضي الله عنه تدهورت الأوضاع سياسياً بشكل كبير جداً في العالم الإسلامي فحصل الخلاف الكبير بين الصحابة – رضوان الله عليهم – الذي تطور إلى النزاع والصراع والحروب بينهم، لكن الحكماء دائماً كانوا دائماً يقفون موقف الرافض لهذا النزاع، ومن هؤلاء الحكماء الإمام علي بنت أبي طالب وأبناؤه الإمامان الحسن والحسين – عليهم السلام -، فهم وعلى الرغم من انهم احد أطراف النزاع الأساسيين إلا أنهم كانوا يرفضون وبشكل قاطع ومستمر أن يستمر هذا الخلاف بين المسلمين فكانوا دائماً مع التأليف وليس ضده ومع حل الأمور والمشاكل وعيوب بالتفاوض، ويوماً عن يوم أخذت الأوضاع بالتدهور، وقد عرقلت هذه الحروب مسيرة النهضة التي ابتدأها عمر بن الخطاب فالإمام علي بن أبي طالب – عليه السلام – لو أتيحت له الفرصة كاملة لفعل فعل عمر بن الخطاب في الأمة وربما أفضل، لأن عقليته عقلية حكيمة قادرة على استقراء الخير وتتبعه أنى كان.
ومما زاد الأوضاع سوءاً الفتن والدسائس وكثرة الفرق وعلى رأسهم الخوارج التي كانت تنخر في جسد الأمة فلا ينكر دورها أحد، والتعنت للرأي والكره والبغضاء وكثرة الطامعين في حكم الأمة، إلا أن الغالبية العظمى من المسلمين كانت تؤيد فريق الإمام علي، وكانت تقف معه وتسانده وهذا مما ثبته.
استشهد الإمام علي بن أبي طالب، وأوصى بالخلافة إلى ابنه الحسن، فبايعه أغلب المسلمين في ذاك الوقت، الكوفة والبصرة والعراق كله والحجاز واليمن وبلاد فارس، ومن تخلف عن بيعته هم معاوية ومن لحق بركبه. فاستمرت الصراعات بين الخليفة الجديد وبين معاوية وكانت تكاد أن تنشب حرب طاحنة بين جيشيهما، إلا أن الإمام الحسن كان قد تنازل للخلافة لمعاوية، ومن هنا سمي هذا العام بعام الجملعة لأن المسلمين قد تجمعوا تحت راية خليفة واحد وهو معاوية والفضل في ذلك يعود إلى الإمام الحسن – عليه السلام - والذي حقن دماء المسملمين بفعلته هذه، وكان هذا الحدث في العام 41 من الهجرة النبوية الشريفة، وبهذا الحدث انتهى عهد الخلافة الراشدة إلى الأبد وابتدأ عهد الملكيات والامبراطوريات الاسلامية والتي استهلت عهدها بدولة بني أمية.