قال تعالى: { ألم تر كيف فعل ربّك بعاد إرم ذات العماد}، صدق الله العظيم.
توجد الكثير من القصص الّتي تتحدّث عن إرم ذات العماد، ويقال إنّها عبارة عن مدينة مفقودة، ويمكن أن تكون اسماً لقبيلة، أمّا فيما يتعلّق بموقع المدينة فيرجّح بعض العلماء أنّها توجد في الإسكندريّة أو هي دمشق، والبعض الآخر يقول إنّها جبل رام في الأردن، ومنهم من يقول إنّها هي مدينة أوبار في سلطنة عُمان، والقول الرّاجح إنّها توجد في اليمن بين مدينتي صنعاء ومدينة حضر موت، وأنّ من قام ببنائها هو شدّاد بن عاد؛ حيث كان قوم عاد يبلغون من الطول الكثير؛ بحيث يصل إلى (6) أمتار تقريباً، وكان لعاد ابنين هما: شديد وشدّاد، وقاما بأخذ البلدة بالبطش والعنو،ة ثمّ مات شديد.
قام شدّاد بن عاد بإكمال غزواته حتّى سيطر على كلّ الملوك وقتها، واتّصف بالبطش الشديد، وكان من عبدة الأصنام، ومولعاً بقراءة الكتب القديمة، فعندما كان يقرأ وتمرّ به كلمة الجنّة أصبح يريد تحدّي الله عزّ وجل بالعناد والكفر، ويريد بناء مدينة تشبه الجنّة، وقام بإخبار الأمراء بأنّه يريد بناءها؛ حيث حدّد (100) رجلٍ من قومه، وعيّن 1000 رجلٍ آخرين ليقوموا بمساعدته؛ حيث قام بأمرهم بالالبحث عن احسن وأفضل الأراضي في اليمن من ناحية الهواء والتربة، وقام بتزويدهم بالمال.
وبعد ذلك قام ببعث من يأمر ملوكه بأن يجمعوا كلّ الثروات من الذهب والفضّة والزعفران والياقوت والدر والمسك وأن يرسلوها إليه، ثمّ أمر الغواصّين بأن يقوموا باستخراج اللآلئ والجواهر من البحار والمحيطات؛ حيث جمعوا له كميّات كبيرة من الثروات، ثمّ أمر ببناء المدينة، ووضع بها كلّ ما جمعه من ثروات، وقام بطلائها بالذهب، وقام بإنشاء وادي من الماء العذب تحتها، وقام بإنشاء أشجار من الياقوت والمرجان بها، بالإضافة إلى إحاطتها بسور من اللآلئ؛ حيث استغرق بناء مدينته قرابة (500) عام.
وعندما أرسل الله سيّدنا هود عليه السلام ليدعوهم الى الإسلام، جحد شدّاد وزاد كفره، وأنذره سيّدنا هود عليه السلام ولم يستجب له، فلمّا انتهى من بناء مدينته الّتي يشبّهها بالجنة، أراد الذهاب إليها هو وموكبه، وهو في الطّريق عندما اقترب من المدينة دُمّر هو ومن معه بقدرةٍ من الله تعالى، وكان له ابنٌ مؤمنٌ بالله يسمّى مرتد بن شداد، فقام ببناء قبر لأبيه، وأحاط به كلّ الذهب الّذي جمعه ليثبت أنّ الذهب واللآلئ لن تنفعه، والله أعلم.