مولد الرسول
مولد الرسول عليه الصلاة والسلام هي أعظم الأحداث التي حصلت في التاريخ البشري بأجمعه، فكان مولده هو النور الذي أضاء الأرض كلّها برسالة الإسلام التي حملها على عاتقه ونجح في إيصالها إلى البشر أجمعين، وأرسى العدل في الأرض كلّها، فولد عليه الصلاة والسلام في مكة المكرمة يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول لعام الفيل، فكان عليه الصلاة والسلام معجزاً من مولده إذ يقول عثمان بن أبي العاص قال: حدثتني أمي أنّها شهدت ولادة آمنة أم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة ولدته، قالت: فما شيء أنظر إليه في البيت إلا نور، وإنّي لأنظر إلى النجوم تدنو حتى أنّي لأقول ليقعن علي، فلما وضعت خرج منها نور أضاء له البيت والدار حتى جعلت لا أرى إلا نورا.
أحداث عام الفيل
قد أرّخ التاريخ ولادته بحماية الله عز وجل للكعبة المشرفة التي كانت مقدسةً منذ أيام الجاهلية فكان الناس يحجّون إليها، كما أنّها أصبحت قبلة المسلمين الأولى ووجهتم في الحج أيضاً فهي عاملٌ رئيسيٌّ في ركنين من أركان الإسلام الخمسة، فقبل أن يولد الرسول عليه الصلاة والسلام بخمسين يوماً بحسب أكثر الآراء رجوحاً ومنهم من قال أيضاً بشهرٍ أو أربعين يوماً، أتى أبرهة الأشرم حاكم اليمن بجيشٍ ضخمٍ تتقدّمه الفيلة التي لم يعهد العرب قتالها لتجمير الكعبة المشرفة، وذلك لأنّه قام ببناء كنيسة القليس الضخمة وقام بتزيينها لكي يأتي العرب إليها حجاجاً، إلّا أنّهم لم يأبهوا بذلك واستمروا في الذهاب إلى الكعبة المشرفة ليحجوا إليها.
عندما وصل جيش أبرهة إلى مكة المكرمة وجد قطيع نوقٍ لعبد المطلب فسلبها، فخرج عندها عبد المطلب جدّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وطلب منه أن يردّ له النوق إليه ويرحل عن الكعبة، ففعل الأولى وأصرّ على الثانية، فخرج أهل مكةً منها إلى الجبال هاربين من جيش أبرهة، وعندها سأل أبرهة عبد المطلب عن سبب هروبهم وعدم دفاعهم عن الكعبة المشرفة فأجابه فقال:”أمّا النوق فأنا ربها، وأمّا الكعبة فلها ربّ يحميها”، وعندما تقدّم أبرهة بجنده أبت الفيلة أن تتقدّم نحو مكّة وعندها أرسل الله تعالى الطيور الأبابيل رمت جيش أبرهة بالحجارة من سجيل فدمّرهم تدميراً.
من المواقف الملفتة في حياة النبي عليه الصلاة والسلام هو أنّ يوم مولده يطابق يوم وفاته وتاريخه، فتوفّي عليه الصلاة والسلام أيضاً في يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول من العام الحادي عشر للهجرة في المدينة المنورة بعد أن أتمّ 63 عاماً، وكما كان أكثر الأيام في التاريخ البشري نوراً هو يوم مولده صلى الله عليه وسلم، فإنّ أكثر الأيام ظلمة في التاريخ البشري هو يوم وفاته أيضاً.