إن الجمعة العظيمة ، أو ما تعرف بـ : ( جمعة الآلام ، الجمعة السوداء ، الجمعة المقدّسة ، الجمعة الجيّدة ، الجمعة الحزينة ، جمعة عيد الفصح ) ، تعتبر في الديانة المسيحيّة من الدينيّة الهامّة ، حيث تقوم أغلب الدوائر بالعطلة الرسميّة في أكثر بلدان العالم ، وهو اليوم الذي يقوم به المسيحيّين بتذكّر حادثة صلب السيّد المسيح عليه السلام وموته ومن ثمّ ودفنه ، ويكون هذا العيد هو السّابق لعيد الفصح المسيحي ، ومتزامناً في الوقت ذاته مع احتفالات اليهود في عيد الفصح لديهم .
يعتبر يوم الجمعة العظيمة من أيّام الصّوم الإلزاميّة للمسيحيّين عند جميع الكنائس والطوائف ، إذ كان صلب يسوع المسيح يوم الجمعة ، حيث ذكرت الأناجيل الأربعة تلك الحادثة بالتفصيل ، من بداية القبض عليه حتى دفنه ، حيث يمتنع في هذا اليوم عن الأكل والشرب بشكل انقطاع كاملٍ ، بدءً من ليل الخميس كما الحال في الكنيسة البيزنطيّة وأيضاً الكنيسة القبطيّة ، وأما بعدها ، أي يوم السبت ، فيكون الطعام غير محلّى وغير مطبوخٍ، ويكون نباتيّاً حصراً .
وقد يرمز لهذا اليوم إلى اللون الأسود ، وأيضاً الأرجواني كما عند الأقباط والسريان ، ونجد أن رمز هذا اليوم يكون الأحمر عند الرومان واللاتين .
كتب في الإنجيل أنّ أحد تلاميذ السيّد المسيح هو يهوذا الاسخريوطي ، قد قبض مبلغاً من المال مقابل تسليمه لهم ، بعد العشاء الأخير الذي أقامه مع تلاميذه الإثني عشر ، حيث كان يسوع منشغلاً في الصلاة في ( بستان جثيماني ) ، ليصطحب يهوذا جنود الرّومان ، ويلقون القبض عليه ، ليُساق إلى ( قيافا ) حيث يحكم بالموت ، متّهماً إيّاه بالتجديف ، وأنّه يدّعي بأنه المسيح .
يذكر الإنجيل أنّ محاكمة يسوع كانت غير شرعيّة ، حيث اتّهم زوراً وبهتاناً ، غير أنّه تعرّض للتعذيب والضرب ، وقد طالب الناس أيضاً بصلبه ، وعَلَت أصواتهم بكلمةٍ واحدةٍ ( اصلبوه ) ، ويذكر أنّهم هم نفسهم الذي هلّلوا لدخوله يوم الأحد الذي يدعى ( أحد الشعانين ) إلى مدينة أوراشليم .
ليحمل صليباً خشبيّاً ويمشي فيه في المدينة القديمة حتّى ( الجلجلثة ) ، وتمّ صلبه على عهد ( بيلاطس البنطي ) ، ويوضع على رأسل إكليلاً من الشّوك ، ويعطى الخمر عند طلبه للماء ، وتوضع في أعلى الصليب خشبةً كتبه عليها "هذا هو ملك اليهود" ، وكان بجواره مصلوباً لصّين ، أحدهم استهزئ به ، والآخر اعترف وآمن به .
تحكي الأناجيل بأحداثٍ خارقة عدّة حصلت في هذا اليوم ، حيث انشقّ حجاب الهيكل ، وحدث ظلام في الأرض ، وإعلان الجندي قائد المئة إيمانه بالسيّد المسيح عليه السلام .
"إلهي بين يديك أستودع روحي " ، كانت هذه هي العبارة الأخيرة التي نطق بها السيّد المسيح في هذا اليوم ، ومات .