إنّ الإنسان بطبعه شغوف بمعرفة خبايا مستقبله وما تخبئه له الأيّام، فيشغل المستقبل تفكيره، سواء في الحبّ أو الزواج أو العمل أو بمعنى آخر حظّه في الحياة. وقد ظهر أشخاص كثيرون ممن حاولوا إستغلال هذا الشغف في الإنسان، ومحاولة تضليله بقدرتهم على معرفة مستقبله وحظّه. ولذلك استخدم المشعوذون قراءة خطوط اليد، والفناجين، والكرات البلّوريّة، والمرايا، وقد كانت "أوراق التّاروت" من أحد هذه الطرق.
أوراق التّاروت هي أحد طرق ووسائل المنجّمين في معرفة المستقبل والكشف عنه وما يخبّئه من مفاجآت. عرفت أوراق التّاروت في البداية باسم "تربونفي"، ثمّ عرفت بإسم "تاروتشي" ولها مسمّيات أخرى مختلفة. وأوراق التّاروت عبارة عن أوراق للعب فيها "ثماني وسبعين" ورقة، ويكون فيها واحد وعشرون ورقة رابحة، وورقة خاصّة تسمّى "ورقة المهرّج"، وتستخدم هذه الأوراق في قراءة الطالع والبخت، ورؤية المستقبل والماضي، وذلك يكون حسب ترتيب معيّن للأوراق.
أمّا فيما يتعلّق بنشأة هذه اللعبة وموطنها الأصلي، فقد كان هناك اختلاف في ذلك. حيث يرى بعض الباحثين أنّ هذه الأوراق ظهرت بداية في أوروبا، بينما يعتقد آخرون أنّها ظهرت بداية في مصر الفرعونيّة، في حين قام كهنة الفراعنة بوضع أسرارهم الحضاريّة في هذه الأوراق حفاظاً عليها من الإندثار، ومن ثمّ انتقلت هذه الأوراق من الفراعنة للفجر الذي هاجروا إلى أوروبا ونشروها فيها. أمّا آخرون فيعتقدون أنّ الموطن الأصلي لأوراق التّاروت هو الصين، وقد ظهرت في القرن العاشر بعد إختراع العملات الورقيّة، وفي معتقدات أخرى فيأتي أصلها من الإله فيشنو الهندوسي.
بدأ استخدام هذه الأوراق منذ القرن الخامس عشر الميلادي في أوروبا، حيث عرفتها إيطاليا بـ "التاروتشيني" وعرفتها فرنسا بـ "التّاروت"، وقد كانت في البداية مجرّد لعبة، وقد تمّ التعارف عليها باسم لعبة ""الترمفس" والتي ترمز للإنتصار العسكريّ، ثمّ بدأ استخدامها في الكهانة. وقد بدأ المنجمّون بإستخدامها في الطّالع في القرن الثامن عشر الميلادي. حيث أنّه في القرن الثامن والتاسع عشر الميلاديين قام بعض الباحثين بدراسة الرّموز الموجودة في هذه الأوراق ومحاولة كشف أصولها، والتي أرجعوها لأصول مصريّة فرعونيّة. أمّا في القرن العشرين فقد بدأ استخدامها بكثرة، وانتشرت أكثر في بقيّة دول أوروبا وأمريكا وغيرها من الدّول.
أمّا سبب تسميتها بهذا الإسم، فهذا يرجع إلى الآراء المتعدّدة في أصل هذه الأوراق. حيث قيل أنّ التاروت هي كلمة مركبة من ال "تا" و "رو" وهي تعني الطريق الملكيّ في اللغة المصريّة القديمة. وقيل أيضاً أنّ أصل هذه الكلمة هندي ويعني "البطاقات والأوراق"، بينما يرى آخرون أنّ "تارو" هي الإلهة الهندوسية التي وجدت الأوراق لها. وفي رأي آخر يرى البعض أن سبب التسمية يعود "لنهر "روتارو" الذي يقع في إيطاليا، والتي يقال أنّ هذه الأوراق أوّل ما وجدت في أوروربا كانت في إيطاليا.
تعتبر أوراق التّاروت لدى البعض عبارة عن كتاب مقدّس - خاصّة للغجر - ، وهو كتاب مليء بالرموز والإستعارات، وقد استمدّ بعض الكهنة من هذا الكتاب في تشكيل معتقدات دينيّة خاصّة بهم؛ كالكابالا، وهو في محتواه الأساسي يتحدّث عن "الخلود والفناء". أمّا المنجمون فيرون أنّ هذه الأوراق وقرائتها بطريقة معيّنة تعكس الحالة النفسيّة والعاطفيّة والداخليّة للشخص، حيث أنّه خلال الجلسة تعكس الأوراق حالة "العقل" لدى الشخص المقروء له، حيث تتصل به بطريقة ما.
أوراق التّاروت من أساليب الكهنة والمشعوذين في الاستخاف بالنّاس وإستغلالهم، فنحن كمسلمون لا نصدّق بهذه الخرافات كلّها، لأنّنا نؤمن أنّ الله سبحانه وتعالى اختص نفسه بعلم الغيب، ولا أحد غيره يعلم ذلك. وقد حذّرنا الإسلام من تصديقهم؛ كذب المنجّمون ولو صدقوا.