حكم الدول
تحتاج الدول إلى استخدام الأنظمة المختلفة في سياستها من أجل السيطرة على مجريات الأمور من دون تطرف ولا تراخي؛ فقديما كانت السيادة المطلقة للحاكم أو من ينوب عنه في كل الأمور من دون العودة إلى رأي الشعوب أو محاولة تحليل احتياجاتهم ورغباتهم، ولكن أصبحت هذه الطريقة الظالمة خاطئة بسبب الانفتاح الكبير الذي تعيشه الشعوب، فلم يعد هناك مجال للغصب أو الإجبار، بل أصبح التشاور والاستفتاء هما المحرك الرئيسي لقوة الدولة.
الشورى
الشورى هي أخذ آراء الآخرين حول مسألة معينة للوصول إلى الرأي الصائب أو الأقرب إلى الصواب وتحقيق رضا المعظم، ويتصف أهل الشورى بعدة صفات تؤهلهم للمشاورة مثل أن يكونوا أصحاب خبرة وفطنة، وعدل ورجاحة عقل بعيدين عن الاتصاف بالتحيز والتمييز، كما يجب أن يكونوا ممن يقبلون الرأي الآخر ويقبلون عليه.
الشورى في الإسلام
كان الدين الإسلامي هو السباق في تطبيق الشورى بين المسلمين، فتدل الأحاديث والآيات النبوية على تطبيق مبدأ الشورى بشكل فاعل على الرغم من طاعة المسلمين لله تعالى ورسوله صلى الله وسلم العمياء؛ حيث إنهم يطيعون جميع الأوامر والنواهي من دون تشكيك أو رفض.
قال تعالى في سورة آل عمران ((وشاورهم في الأمر))، وفي سورة الشورى قال تعالى (والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون. عبر أبو هريرة عن مشورة النبي صلى الله عليه وسلم بقوله (( لم يكن أحد أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله صلى الله عليه وسلم)).
إن الشورى في الإسلام قاعدة يرتكز عليها في قوانينه وأنظمته، واستخدمها الصحابة رضوان الله عنهم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم؛ حيث تم اختيار أبي بكر الصديق خليفة لهم بعد وفاة الرسول بالتشاور فيما بينهم واستمر الأمر كذلك فيما بعد.
أهمية وفائدة الشورى
تنبع أهمية وفائدة الشورى في تحقيق التواصل ما بين الرؤساء والمسؤولين وبين أبناء الشعب، وبالتالي يشعر المواطنون بأنهم على صلة مع من يقومون بتنظيم أمور حياتهم، كما أنه يتم التوصل إلى القرارات الأقرب للصواب؛ فعند أخذ آراء ناس متعددين احسن وأفضل من التفرد برأي شخص واحد، لأن الإنسان عقله لا يمكن أن يحيط بجميع الأمور معا في الوقت نفسه.
الشورى والديمقراطية
يختلف نظام الشورى عن الديمقراطية في أن النظام الديمقراطي يعتمد على إعطاء الشعب الحق في وضع القوانين والأنظمة التي تحكمه حتى لو كانت مخالفة للدين، بينما مبدأ الشورى هو أخذ الرأي ممن هم أهل له، وحكمهم يكون بالرجوع إلى كتاب الله تعالى.