"لا تُجمل في أملك حتى لا تغلو في حزنك" ضع هذه العبارة حلقة في أذنك، فإنك كثيراً من الهموم والأحزان منبعها إغداق الأمل في أمر لا يؤمل فيه، وإن رجلاً أكثر من الأمل حتى تتطرف في أمله فأصبح لا يمكنه العيش بلا أمله، وسرعان ما حاول الانتحار بعدما فقد أمله.
لكنك لست مثله أيها المهموم، فأنت تدرك أنه همك زائل، وتمتلك اليقين الذي سطره رب العالمين بقوله "فإن مع العسر يسراً، إن مع العسر يسراً"، فمهما طال بك الهم فإنه لا بد زائل.
ثم إنك لماذا تبقى منتظراً قطار الهم حتى يعلن الرحيل، ماذا إن وجد في محطتك ما يدفعه للبقاء، هل ستجلس إلى آخر العمر منتظراً؟! لا يا صديقي، زمام المبادرة في يدك، والهموم بابٌ موصدٌ مفتاحه بيدك.
الهم بالإنسان واقعٌ واقع، ومن ناحية نفسية علمية فقد وضع العديد من الباحثين طرقاً موثقة يمكنها التخفيف وانقاص من وقع الهموم على البشر، مع التأكيد على أن هذه الطرق ووسائل تأتي بعد شحذ إرادتك باتجاه الانتهاء والتخلص من الهموم.
العديد من الدراسات نوهت إلى أهمية وفائدة اللجوء للبكاء عند الحزن، منطلقين من كونه يخفف الضغط النفسي وتقويته لجهاز المناعة، ومساعدته الجسم على مقاومة الأمراض المتعلقة بالضغوط النفسية.
أضف إلى ذلك الفضفضة، وهي طريقة يلجأ إليها من وجد إنساناً يثق به ويعتقد بأنه ذو حكمة وبعد نظر، والأهم من ذلك يقينه بأن ذلك الشخص كتومٌ لا يبوح بسر، فهي إن لم يكن لها حسنةٌ سوى إزاحة الكبت والتفريغ من حجم الضغط الذي يولده الهم فكفى، لكن من تفضفض له قد يمنحك المشورة ويدلك على طريقة التصرف المثلى حيال ما تواجه من هموم.
تعامل مع الهم على أنه (حمولة زائدة) لا بد أن ترمي بها في أقر حاوية قمامة، ولكن تأكد أنك قد أفرغتها كاملة، ولم تنسَ شيئاً يعيدك لدائرة الهم ذاتها، فعليك أن تنسى الأمر تماماً.
أما من لم يجد في الحياة من يثق به، فعليه بالكتابة، تلك الأوراق التي يدونها يمكنها ان تحفظ سره إن أراد، فالكتابة قادرة –كما تذكر الدراسات النفسية- على التعبير عن المشاعر السلبية، الامر الذي يخفف الأحمال ويجنبك من الوصول إلى مراحل متقدمة من الاكتئاب.
إلا أن كل هذه الطرق ووسائل ليست شيئاً أمام ما يطلق عليه الباحثون (الإفضاء النفسي)، تلك الطريقة التي تفتح لك الطريق الذي لا يوصد، بالاتجاه إلى الله عز وجل وتدعوه في حلك وترحالك، في الصلاة أو في القيان أو عبر الدعاء، فوحده العالم بالحال المجيب للسؤال، المزيل للهم ولو كان فوق الاحتمال.
عليك في الختام أن تتمثل قول المنفلوطي في نظراته العظيمة: أسعد الناس في هذه الحياة من إذا وافته النعمة تنكّر لها، ونظر إليها نظرة المُسترِيب بها، وترقّب في كل ساعةٍ زوالها وفناءها، فإن بقيت في يَده فذاك، وإلا فقد أعدّ لفراقها عدته من قبل.