الهداية
أعطى الله تعالى الإنسان القدرة على التفكير، والقدرة على تمييز الحق من الباطل من خلال الفطرة السليمة التي فطر الناس عليها، وكل هذه الأعطيات والمنح الإلهية ما جاءت إلا لأجل سعادة الإنسان في الدارين: الدنيا، والآخرة.
لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل تعدى ذلك إلى إرسال الله تعالى رسله الكرام مبشرين ومنذرين لأقوامهم الذين ضل سعيهم في هذه الحياة الدنيا، والذين وصل الأمر لدى بعضهم إلى الوصول إلى حد إتيان أكبر الكبائر، وأفحش الفواحش.
كل الوسائل السابقة التي زود الله تعالى الإنسان بها هي وسائل الهداية الإلهية، والهداية هي التعرف على الله تعالى، ومعرفة طريقه وشرعه الشريف، والالتزام بأوامره والابتعاد عن نواهيه بكل ما أوتي الإنسان من قوة، فإذا ما قام الإنسان بهذه الأمور استطاع أن يدخل في زمرة من من الله تعالى عليهم بالهدى، والخير، والبركة. وقد قسم العارفون، والعلماء الهداية إلى أنواع عديدة بناء على ما ورد في كتاب الله تعالى وسنة رسوله، وفيما يلي تبيان هذه الأنواع.
أنواع الهداية
- هداية الله تعالى الناس وإرشادهم إلى مصالحهم المختلفة، كهداية الأم والأب لرعاية أبنائهما، وهداية الأولاد لبر والديهم، وهداية العامل لإتقان عمله، والعديد من الأمثلة الأخرى التي يمكن أن تضرب في هذا الباب، غير أن هذا النوع من الهداية لم يختص الله تعالى به الإنسان وحده، فهو عام وشامل لكافة خلق الله.
- هداية الله تعالى الناس عن طريق الوحي الإلهي، فقد هدى الله الناس إلى ذاته العلية، وإلى آياته الكونية، وإلى الغاية من خلقه الإنسان على هذه الأرض، لهذا فالإنسان المتدين المؤمن بالله تعالى وبما أنزله من آيات كريمة يستطيع تماما العيش بهدوء واطمئنان، واستقرار نفسي نظرا لوجود أجوبة مقنعة عن الأسئلة التي تجول في خاطره.
- هداية الله تعالى الناس إلى القيام بالأعمال الصالحة، وتعرف هذه الهداية باسم هداية التوفيق، فكل الأعمال الصالحة التي يقوم الإنسان بها هي توفيق من الله تعالى، وليس للإنسان فضل على نفسه أو على غيره بأي خير يصدر عنه. ومن نعم الله تعالى أيضا على الإنسان أن أكرمه بأن وسع عليه مجالات الأعمال الصالحة، فكل الناس يستطيعون التقرب إلى الله تعالى مهما اختلفت درجاتهم ومكانتهم في الدنيا.
- هداية الله تعالى الناس إلى الجنة يوم القيامة، والجنة كتعرف ما هو معروف هي النعيم الذي لا يزول، وهي غاية أماني المؤمنين، وهي التي يجد الإنسان فيها سعادته الأبدية، وهي في المقام الأول تكريم من الله تعالى لعباده المؤمنين الذين أطاعوه في الدنيا وامتثلوا لأوامره، وابتعدوا عن نواهيه.