إنّ الحياة إبتدأت لتنتهي، لينال كل امرئ جزاء عمله؛ فيثاب المحسن ويعاقب المسيء، وتسترد المظالم فينصف المظلوم، ويأخذ كل ذي حق حقه، إنّ اليوم الآخر هو المحكمة العادلة، والقسطاس المستقيم للدنيا الفانية.
لقيام الساعة علامات و دلائل ودلائل، منها الصغرى: كإنتشار الفتن، والقتل والفساد وعقوق الوالدين، وتطاول البنيان، وأخرى الكبرى: كخروج الدابة، وطلوع الشمس من المغرب، وظهور المهدي وعيسى – عليه السلام- ، وله أهوال ومصائب؛ ففيه النفخ والنشر، والبعث والحشر، والعرض على رب الأرض والسماوات وغيره، ولشدة هول ذاك اليوم أقسم الله – تبارك وتعالى- فيه بشدة قائلاً : "لا أقسم بيوم القيامة".
ليوم القيامة أسماء كثيرة طرق ووصفات عدة؛ منها ما ورد في القرآن الكريم، ومنها ما ذكره النبي العدنان، وأخرى استدل بها العلماء والتابعين. وقد سمي بيوم البعث؛ لأن الله تعالى يبعث الموتى من قبورهم، وكذلك يوم النشور؛ لأن الناس ينشرون للعرض والحساب، ويوم الخلود؛ لخلود أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار وأيضاً، يوم الخروج؛ لخروج الناس من قبورهم إلى ربهم: "يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج"، واليوم الفصل؛ لأن الله سبحانه يفصل بين عباده :"هذا يوم الفصل الذي كنتم به تكذبون".
ذكر الله عزوجل يوم القيامة في كتابه العزيز بمواضع كثيرة، وبعدة مسميات منها: "تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً"، وفي موضع آخر ورد :"إنّ الساعة آتية أكاد أخفيها"، وغيره: "فإذا جاءت الطامة الكبرى".
وهو يوم الحساب والواقعة والوعيد والقارعة والصاخة والتناد، وكذلك "الحاقة ما الحاقة"، و "هل أتاك حديث الغاشية"،ومن الأسماء ما تكرر في أكثر من موضع في القران العظيم مثل : يوم الدين ويوم الجمع والدار الآخرة، ومنها ما ذكر مرة واحدة فقط مثل: يوم الحسرة والتغابن والتلاق.
سمى العلماء يوم القيامة بأوصاف تصفه مثل: يوم عسير ومشهود وعقيم وعظيم وعبوس، وكذلك يوم العرض والخافضة والرافعة والقصاص والجزاء والنفخة والرجفة والناقور، والزلزلة والمآب، بالإضافة إلى الندامة والبعثرة والصدع والتفرق، وهو يوم موعود ويوم مشهود و-أيضاً- يقال له يوم المعاد.
إنّ المتأمل في دلائل وجود الله تعالى، وعظمة قدرته وخلقه؛ فإنّه يتيقن بوجود اليوم الآخر، ويعمل لأجل يوم تشخص فيه الأبصار، يوم يشيب فيه الولدان، ويتخلى فيه الأب عن ابنه، وتذهل المرضعة عن رضيعها؛ لشدة هوله وحره؛ فلقد بعث الله المرسلين لينذروا عباده؛ فقال :" وأنذرهم يوم الحسرة"، وعلى العاقل أن يجنب نفسه وأهله نار جهنم وعذابها، ويتمثل قول ربه : " واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون".