يعتبر المال وسيلةٌ مهمّةٌ للحصول على حاجات الإنسان الأساسيّة و الكماليّة ، فهو من زينة الحياة الدّنيا ، و كلّ إنسانٍ على وجه الأرض يسعى لكسب المال لتأمين قوته و قوت عياله و العيش بكرامة ، و قد كانت في قديم الزّمان تتمّ عمليات المقايضة بين النّاس ، فالذي يكون عنده قمحٌ و طعامٌ زائدٌ على سبيل المثال يبادله مع شخصٍ عنده فائضٌ في اللّباس و الأثاث ، أي تتمّ المبادلة بين النّاس وفق حاجة كلّ إنسانٍ للمواد المختلفة المتنوّعة ، ثمّ ظهرت العملات النّقدية و الورقيّة لتيسّر على النّاس وسائل شراء بضائعهم و حاجياتهم ، فالمال مهمٌ جداً في حياة الإنسان و لا يجب أن يخرج بحالٍ عن كونه وسيلةٌ ، فإذا تحوّل المال إلى غايةٍ أصبح الإنسان عبداً له أسيرا ، و لا يكون همّه إلا جمع المال و حيازته ، فابن آدم مجبولٌ على حبّ المال و لو كان له واديان من ذهبٍ لابتغى لهما ثالث كما وصف الرّسول صلّى الله عليه و سلّم ، فحبّ الإنسان للمال محكومٌ بضوابط تنظّم عملية اكتسابه و صرفه .
و يُسأل المرء يوم القيامة عن ماله ، كيف اكتسبه ، و فيم أنفقه ، فالكسب الحلال الطّيب و اجتناب الحرام هو طريق المسلم و ديدنه ، و المسلم حين يعلم أنّه محاسبٌ على ماله فإنّه يحرص على تحرّي الحلال من الرّزق ، و حتى لا يكون من آكلي السّحت و هو المال الحرام و قد بيّن الرّسول صلّى الله عليه و سلّم أنّ كلّ لحمٍ نبت من سحتٍ فالنّار أولى به ، فالمسلم حريصٌ على إطعام أبنائه رزقاً حلالاً طيباً بعيداً عن الرّبا و أكل أموال النّاس بالباطل .
و المسلم حريصٌ على إنفاق ماله في وجوه الخير المختلفة ، فتراه يزكّي ماله و يتصدّق به ، فقد بيّن الرّسول عليه الصّلاة و السّلام أنّه لا حسد إلا في اثنتين رجلٌ آتاه الله القرآن فهو يقرأ منه آناء الليل و النّهار و رجلٌ أعطاه الله مالاً فأنفقه على هلكته في الحقّ .
و لا ريب أنّ الرّزق الحلال الطّيب هو من ما هى اسباب استجابة الدّعاء ، فالرّزق الحرام يكون مانعاً من ذلك ، و الله سبحانه لا يقبل المال الخبيث صدقةً أو زكاةً لأنّه طيبٌ لا يقبل إلا طيباً .