جاء الإسلام بأحكامه وتشريعاته الفقهيّة الخاصّة بجميع أمور حياتنا في المجتمع والنّفس وكلّ ما يتعلّق بصغائر الأمور وكبيرها في الدّنيا. وقد وضع طرقاً مختلفة للتشريع في حال كان هناك اختلاف على حكم شيء ما، وقد كان مرجعنا في ذلك القرآن الكريم أوّلاً، والسنّة النبويّة ثانياً، والتشاور بين أهل الرأي ثالثاً، ومن هنا ظهرت "الفتوى". فتعرف على ما هى الفتوى وتعرف على ما هى أركانها؟ وتعرف على ما هى شروط الفتوى؟
تعريف ومعنى الإفتاء:
الإفتاء لغةً: أصل الفعل "فتي أو فتو"، والإفتاء مصدر "فتي" تعني "الإبانة، أي إبانة الشيء على حقيقته بالبيان والعلم، ويقال أفتيت فلان أي أجبته عن مسألته التي سأل عنها.
الفتوى إصطلاحاً: الفتوى هي جواب المفتي عن أي سؤال من السائل وكان متعلّقاً بالحكم الشرعي للسؤال، وتكون الإجابة "إجتهاد" من المفتي فيما يتعلّق بالسؤال، بالإستناد إلى الأحكام الواردة في القرآن الكريم والسنّة النبويّة الشريفة.
أركان الفتوى:
أركان الإفتاء أربعة؛ وهي: المفتي، والمستفتي، والمستفتى عنه، والمفتى به.
1. المفتي: وهو العالم الشرعي الإسلامي الذي يقوم بإصدار الفتوى والإجابة عن السؤال.
2. المستفتي: وهو الشخص الطّالب للإجابة والحكم الشرعيّ.
3. المستفتى عنه: وهو السؤال عن الحكم، والمسألة المسؤول عنه، ويجب أن تكون هذه المسألى فيها إلتباس وتحتاج بياناً في الحكم، ويجب أن يكون المستفتى عنه فيه لبس وليس حكماً شرعيّاً واضحاً.
4.المفتى به: وهو الحكم الشرعيّ والجواب عن السؤال، ويكون الجواب مستمدّاً من القرآن الكريم، أو السنّة النبويّة، أو بالإجماع.
شروط المفتي:
حتّى يستطيع أن يكون العالم مفتياً ويصدر أحكاماً شرعيّة يسير عليها النّاس في حياتهم، على المفتي أن يتمتع بصفات معيّنة وشروط لا يجب إختلالها؛ منها:
1. أن يكون مجتهداً "حسب التعريف ومعنى الإسلامي للإجتهاد"، أي أن يكون قادراً على إستنباط الأحكام الشرعيّة والتحليل المنطقي للقرآن والسنّة.
2. أن يكون قادراً على فهم معاني وتفاسير وما هى اسباب نزول الآيات القرآنية.
3. أن يكون على دراية وعلم بعلوم اللغة العربية.
4. أن يكون على دراية وعلم "بعلوم الحديث" و "علوم القرآن".
5. أن يكون على معرفة بالقانون الإسلامي.
6. أن يكون على معرفة سابقة بكل الفتاوي السابقة لما يتعلّق بالفتوى التي يصدرها في نفس الموضوع.
أهميّة الفتوى:
ومّنا يدلنا على أهميّة الفتوى في حياتنا، ذكرها في آيات كثيرة في القرآن الكريم، حيث أنّ جلّ وعلا يتوّلاها؛ يقول تعالى: "يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الكَلَالَةِ" (سورة النساء: 176). كما أنّ الله سبحانه وتعالى قد رفع مرتبة الإفتاء، وجعلها وظيفة رسولنا الكريم "صلّى الله عليه وسلّم"، ورفع مكانتها بأن حرّم التساهل في أمرها حيث لا يجوز لأيّ كان أن يفتي في شيء لا يدري به، وإنّما كان على المفتين أن يكونوا جديرين بهذا الموقف وأن يتحمّلوا مسؤوليّة إفتائهم؛ يقول تعالى في ذلك: "وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ" (سورة النحل: 116).