بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد،
التميمة مأخوذة من الجذر اللغوي (تمم)، ويقول صاحب معجم لسان العرب في توضيح معناها: « والتَّمِيمَة: خَرَزَةٌ رَقْطاء تُنْظَم في السَّيْر ثم يُعْقَدُ في العنق، وهي التمائم والتميم، عن ابن جنى، وقيل: هي قلادة يُجْعَل فيها سُيُور وعُوَذ، وحكي عن ثعلب: تَمَّمْتُ المولود علَّقْت عليه التمائم. والتميمة: عُوذَة تُعَلَّقُ على الإنسان...، ويُقال: هي خَرَزَة كانوا يعتقدون أنها تمامُ الدواء والشفاء...، والتميمة: قلادة من سُيُور، وربما جُعِلَت العُوذَة التي تُعَلَّق في أعناق الصبيان...، قال ابن منصور: التمائم واحدتها تميمة، وهي خرزات كان الأعراب يعلقونها على أولادهم يَنْفُون بها النفس والعين بِزَعْمِهِم. »
فالتميمة: هي كل ما يُعَلَّق لدفع العين أو الجن أو المرض، أو أي شر كان. وربما يكون السبب في تسميتها بالتميمة هو اعتقاد أصحاب هذه التمائم بأن فيها تمامٌ للأمر بدفعها للشر، وجلبها الخير، وقد تعلق التميمة على العنق أو في اى منطقة من الجسم، وقد تعلق أيضاً على أي شيء آخر، كأن تعلق على مقدمة السيارة أو عند مرآتها، أو عند باب البيت، أو في غرفة معينة، وفي عادة تكون التميمة من الخرز أو العظام أو الطلاسم أو غير ذلك، وربما تُعَلَّق هذه التمائم أيا لدفع شرٍ قد وقع سلفًا على شخصٍ ما. ومن عادة بعض الناس أن يعلقوا التمائم على المواليد الجدد؛ خشية أن يصابوا بالعين أو الحسد، ظناً منهم أن هذه التمائم سببٌ من ما هى اسباب السلامة من الشرور!
وقد كانت التمائم منتشرة في الجاهلية، ولكن عندما جاء الإسلام أبطلها واعتبرها نوعًا من الشرك، فهي إما أن تكون من الشرك الأصغر، أو تكون من الشرك الأكبر، فإذا كان المعلق لهذه التمائم يعتقد أنها فقط هي سبب من ما هى اسباب الوقاية والحماية من الشرور، فهذا من الشرك الأصغر الذي لا يخرج صاحبه من الملة. ولكن إذا كان يعتقد أن هذه التمائم تجلب النفع والضر من دون الله، فهذا من الشرك الأكبر المخرج من الملة.
فهذه التمائم محرمة أشد التحريم في الإسلام؛ لأنها ليست من الما هى اسباب الشرعية التي وضعها الله تعالى للوقاية من الشرور، كما أن النفع والضر لا يكونان إلا من الله تبارك وتعالى، فالله تعالى هو الضار والنافع، فإذا تعرض الإنسان لضرر ما من شيٍ ما، فهذا الضرر لم يكن ليصيبه إلا بإذن الله، وإذا أصابه خير ونفع من شيءٍ ما، فهذا الخير والنفع لم يكن ليصيبه ويأتيه إلا بإذن الله.
ومن الأحاديث النبوية التي نَصَّتْ على تحريم التمائم هو قوله صلى الله عليه وسلم: « إن الرُّقَى والتَّمَائم والتِّوَلة شِرْك. » [رواه أبو داود وغيره، وصححه الألباني]. والرقى: هي جمع رقية، وهي الرقية التي تكون بالاستغاذة بالجن، أو الرقية التي تكون بكتابات غير مفهومة، فهي مختلفة عن الرقية الشرعية. والتِّوَلة: هي أي شيء يستخدم لتحبيب المرأة إلى زوجها، كالسحر وغيره من الأمور غير الشرعية.
والتمائم إذا كانت من القرآن أو من الأدعية الثابتة عن رسول الله، فهي محرمة أياص على الراجح من أقوال العلماء.