أودع الله في قلب كل إنسان فطرة الرجوع إليه، وجعلها من أهم الأمور التي تساعد هذا الإنسان على تخطّي العديد من المصاعب، فالشعور بأنّ الله هو الرقيب وهو القادر على إنجاح أي مشكلة أو أمر قد أفسده الدهر أمر لا بدّّ من التعامل معه بكل سهولة، فالله سبحانه خلق عباده وكان يعلم أنّهم لن يستطيعوا أن يسيّروا الحياة على هذه الأرض بالطريقة التي يريدونها، ولذلك كان موجوداً على الدوام يلبّي دعاء من احتاج إليه.
طريقة قبول الدعاء
ولأنّه الدعاء، أحد أبرز الأفعال الدينية التي يلجأ إليها المؤمن كان لا بدّ من التعامل معه بالطريقة الصحيحة التي تحقق الهدف الرئيس من ذلك، فالدعاء هو طريق الهداية التي أراد الله أن يكون موجوداً على الدوام بينه وبين العبد، وألا يشعر العبد أن الله بعيداً عنه مهما ابتعدت المسافات حقاً، فالإنسان الذي يريد على سبيل المثال توفيقاً من الله أو راحة نفسية أو ما شابه، تجده يعود لله بقلب مطمئن خاشع، يسجد بين يديه ويحاول أن يكون قادراً على مواجهة الشيطان من خلال التركيز الملح على الدعاء، وعدم الاستهتار في هذه العبادة، وهناك بعض الأمور التي تساعد بكل تأكيد في جعل الدعاء مقبولاً عند الله سبحانه وتعالى، ومن أهمها:
الوضوء واستقبال القبلة
تعدّ الطهارة من أكثر الأمور التي تساعد في قبول الدعاء، فأنت عندما تدعو الله تلجأ إليه بقلب مطمئن، فلا بدّ أن تكون على طهارة، وإن كنت كذلك، فحاول أن تقوم بالوضوء في كل مرة تدعو بها الله، وهذا أمر عادي، ومن الممكن أن تتخطى هذا الأمر، ولكن لا سبيل عن الطهارة.
انتقاء الوقت المناسب للدعاء
فهناك بعض الأوقات التي يجب على المسلم أن يتحرّاها كي تقبل الدعوة، مثل الدعاء في أوقات الفجر، بعد الصلاة مباشرة أي قبل شروق الشمس، وهذه الفترة هي أحب الفترات عند المؤمن ليكون بها قريباً من رب العباد، وأيضاً وقت الثلث الأخير من الليل، ونحن نعلم أن الله ينزل إلى السماء الدنيا، ويقول هل من داعٍ فأجيبه، وهناك أيضاً الموعد بين الصلاة والإقامة، وهذا هو الوقت المناسب لأي دعاء، فلا تبخل على نفسك بالسؤال والدعاء في كل مرة.
الدعاء بكل إلحاح
فالله يحب العبد اللحوح، الذي يقتنع بأنّ الله سيجيب عن دعائه في نهاية المطاف، وبذلك تكون هذه هي الطريقة المثلى التي يتبعها ليطلب حاجته، ولا بأس بالدعاء في كل ما يخص المرء، فمن الممكن أن تطلب من الله التوفيق في الامتحان، أو النجاح في اختبار العمل أو الراحة في الحياة الزوجية أو الإنجاب وغيرها، فالله يستعد ليجيب عن كل دعاء للمسلم طالما أنه عاد لله بقلب مخلص مطمئن.
كن على يقين من الإجابة
فيجب أن يثق المؤمن بربه، ويجب أن يكون قادراً على تجنب أي أمر قد يضر بحياته، وحاول أن تكون خير مثال كخير البشر، كأن يدعو الله في سره وفي العلانية، وكأن يثق بأن الله سبحانه سيجيب عن دعائه، حتى وإن تأخرت الإجابة فلا بأس بذلك.
ادعُ الله في السراء والضراء
فلا تكن عبداً غير مبالٍ بالأمور، وادعُ الله في كل الأوقات التي تشعر أنك بحاجة إليه، وأما في الأوقات السعيدة التي تشعر بها بالفرح الشديد، فادع الله أن يجيب دعائك، ويكون لك كل الأمور خيراً.
اجعل دعوتك عامة لجميع المسلمين والمسلمات
فما اجمل وافضل الدعوات التي تختتم بالدعاء لجميع المسلمين والمسلمات، والدعاء للأحياء والأموات، فهذا يعطيك أجر كل من دعوت له، ويجعل الله لك خيراً في كل أمور حياتك، كما أنه يسخر لك من يدعو لك في ظهر الغيب، فكن عبرة للمسلمين جميعاً، واجعل دعواتك دائما عامة حتى تنال الأجر العظيم على ذلك.
ابدأ دعوتك بالصلاة على النبي
بمعنى أنه عند الصلاة على النبي فإن الله لا يرد هذه الدعوة، ويجيبها على الفور، حتى أن الذي يصلي على النبي صلاة يصلي الله بها عليه عشرة، فهي مجابة بالتأكيد، ثم ابدأ بسرد باقي دعاؤك، وتأكد أن الذي قام بإجابة الدعوة الأولى لن يترك دعوتك بدون إجابة، وسوف تتقبل دعوتك، ويكون لك الشأن في ذلك.
تأكد أن الله هو الرفيق بعباده
فالله سبحانه هو خير الحافظين، وهو لا يريد لعباده إلا الحياة الزهيدة التي تضمن لهم الفوز في الدارين الدنيا والآخرة، وعندما يتأخر دعائك عن الإجابة فلا تخجل أن تطلب مرة أخرى، وحاول أن تتأكد أن دعوتك محفوظة عند الله لحين ميعادها، فلكل شيء ميعاد مكتوب عند الله سبحانه وتعالى لا بدّ من الاستعانة والتوكل قبل البدء بالدعاء في مقدمة كل أمر.
ارفق بنفسك وادع الله على مهل
فارفق بنفسك، ولا تشعر أن الله لا يريد مساعدتك، وإنما تأخير دعائك فيه خير لك، فالله سبحانه يريدك أن تكون متقرباً له، فالنفس البشرية معروفة أنها وقت الجزع، ووقت الضيق تلجأ إلى الله، أما وقت الخير تبتعد عنه، وكأن الخير الذي حل عليهم ليس من الله سبحانه، وعليه لا بدّ أن تكون متقرباً لله في كل زمان ومكان.
اجعل نية الدعاء فيما فيه خير لك ولأهل بيتك
فالنية التي نودعها في القلوب لا بدّ أن تكون خالصة لله، فالله سبحانه وتعالى يحب أن يلجأ إليه العبد بكل الطرق ووسائل الممكنة، والدعاء لا بدّ أن يكون شاملاً لكل مناحي الحياة، فلا تدعو على سبيل المثال دعاء يفيد في الدنيا، ولا يفيد في الآخرة، واذكر أبويك وأهل بيتك في دعائك، فالله يستجيب الدعاء المركب الذي يضم الخير للناس جميعاً، ولا بدّ أن نتعامل مع الدعاء بهذه الطريقة حتى ننال الفرصة الحقيقية للإجابة إن كان لنا نصيباً منها.
وختاماً فإن عدم قبول الدعاء لا يعني أن الله لم يسمع منك الدعاء، أو لم يعطك أي أهمية، ولكن لربما تأجيل الدعاء هو خير عند الله للمؤمن من انقضاء الطلب بكل سهولة، فهذا ما يجعل المسلم يعود مرة أخرى ليتقرب من الله، كما أن الأدعية التي نطلقها في عنان السماء تخزن عند الله سبحانه وتعالى، وتحفظ عنده ليجازينا بها خيراً من أمور الدنيا، وهي أمور الآخرة، فيتمنى الإنسان لو أنّ الله لم يلبي له دعوة قط، ولم يحتج لأي شيء في هذه الدنيا الفانية، فلا تقنط عندما تتأخر الإجابة، وكن على يقين أن مصيرك بيد الله سبحانه الذي لا يغفل ولا ينام، ولا يترك عباده بدون راحة، وإنّتعرف ما هو في ميزان حسناتنا الذي نحتاج في كل يوم أن نغذي بالأعمال الصالحة حتى نضمن الفوز بالجنة والنجاة من النار، وختاماً أيضاً لا بدّ من التذكير أن اللجوء لله في كل يوم أمر رائع، فأحب الأعمال إلى الله أن يشعر المرء أنه بحاجة ملحة لربه ليشكو إليه، فكما أنك تلجأ إليه وقت الصعاب فلا بدّ أن تعود إليه وتشكره وقت الخير الذي يحل عليك، فتسجد له سجدة شكر؛ لأنه هو المسؤول عن كل الخير الذي يصيبك.