إنّ الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود كان ملكاً لمملكة العربيّة السعوديّة في الفترة الممتدة من اليوم الثاني لشهر تشرين الثاني في العام ألف وتسعمائة وأربعة وستين ميلاديّة حتى اليوم الخامس والعشرين من شهر آذار لعام ألف وتسعمائة وخمسٍة وسبعين ميلادية، وقد قضى نحبه اغتيالاً على يد مجرم أثيم في 25 آذار من عام 1975م في مدينة الرّياض في المملكة العربية السعوديّة.
وقد ولد هذا الملك العظيم الّذي قلّ مثيله بين الزعماء العرب في اليوم الخامس من شهر نيسان في عام ألف وتسعمائة وستّة ميلادية، وقد ترعرع وعاش طفولته يتيماً وذلك بعد أن توفّيت أمّه وهو لا يزال في المهد رضيعاً ولم يتجاوز عمره الستة أشهر حينذاك، وتلقّى تربيةً دينيّةً وإداريّةً وسياسيّة واجتماعيّة مكثّفة، وكان له الباع الطويل في خوض حملات عديدة لتوحيد الأراضي التي يطلق عليها حديثاً السعوديّة، وذلك في فترة حكم والده الملك عبد العزيز، ونظراً لثقافته المتميّزة على أقرانه من العائلة المالكة الآخرين فقد كان على رأس وفد السعوديّة للمشاركة في مؤتمر لندن الذي انعقد في عام ألف وتسعمائة وتسعة وثلاثين ميلاديّة والذي تمّت فيه مناقشة موضوع القضيّة والمشكلة الفلسطينيّة فيما يسمّى بمؤتمر المائدة المستديرة.
وكان الملك فيصل رئيسا أيضا لوفد بلاده للمشاركة في جلسات مؤتمر الأمم المتّحدة في مدينة سان فرانسيسكو المنعقد في اليوم الخامس والعشرين من شهر نيسان لعام ألفٍ وتسعمائة وخمسة وأربعين، تلاها حضوره لأغلب المؤتمرات العالميّة بعدها، أمّا على الصعيد الداخلي فقد كان رحمه الله على مستوى الثقة والمسؤوليّة في تعديل دستور بلاده وكافّة شؤون ومرافق الدولة نحو الأفضل، وذلك بعد أن أعطاه أخوه الملك سعود سلطاتٍ عديدة وواسعة ليتصرّف ويدير وينظّم من خلالها أمور البلاد كيفما يشاء.
وإنّ أكثر موقف عزٍّ وفخر وكرامة يسجّل لهذا الملك الشريف الجريء كان في موقفه القاطع والصارم والوطني إبّان الحرب العربيّة الإسرائيليّة في اليوم السادس من شهر شوّال في عام ألفٍ وتسعمائة وثلاثة وسبعين ميلاديّة في شهر رمضان والتي خاضها العرب ضد الكيان الصهيوني الغاشم المحتل؛ حيث أمر في حينها بقطع إمدادات النفط والبترول عن كلّ دولة تؤيّد إسرائيل أو تدعمها سواء على الصعيد العسكري أو البشري أو المعنوي أو اللوجستي، ممّا جعل أسعار النفط تتخطّى أعلى معدلاتها، وتبع ذلك إقفال أكثر المصانع الغربيّة أبوابها ممّا شلّ الاقتصاد والحياة فيها، وساهم في النصر الذي حققه العرب على الكيان الصهيوني في حينه .