ان التطورات التي تحدث في مجتمعنا حول هذا القطاع تفيد القطاع العام فقط وهنا سوف اذكر لكم التطورات التي تحدث بهذا القطاع . في شهر حزيران 2013 رفعت وزارة تطوير القطاع العام إلى دولة رئيس الوزراء كتابا يتضمن مقترحات لاطلاق برنامج " توجيــه الموظــّف الجديــد" تحقيقا للرؤى الملكية السامية الهادفة الى رفع مستوى أداء الجهاز الحكومي، وتقديم احسن وأفضل الخدمات للمواطن ومتلقي الخدمة. وقد طلبت الوزارة في كتابها ذاك من دولة الرئيس الموافقة على عرض الموضوع على مجلس الوزراء لاتخاذ القرار المناسب لتمكينها من البدء بتنفيذ هذا البرنامج. وبناء على هذا الكتاب، وافق مجلس الوزراء الموقر على اعتماد " برنامج توجيه الموظف الجديد" كجزء من برنامج عمل الحكومة للأعوام 2013-2016 وضمن محور تطوير القطاع العام، وذلك خلال جلسته المنعقدة بداية تموز من العام الحالي 2013.
وتابعت الوزارة الترويج لهذا المشروع في الصحف اليومية والمواقع الالكترونية، مؤكدة أن الوزارة ستعمل على اخضاع الموظف الجديد الى برنامج تدريبي متكامل قبل مباشرته العمل في الدائرة المعيّن فيها، وانها (الوزارة) وفي سياق دورات الموظف الجديد، قامت بتوزيع النماذج الخاصة بذلك على جميع المؤسسات الحكومية لتوزعها على الموظفين الجدد لديها سعيا لتدريبهم وتأهيلهم.
ألهذا الحد بلغ الاستهتار بعقل المواطن وتضليل مجلس الوزراء الموقر!؟ إن جميع العاملين في وزارة تطوير القطاع العام، وفي ديوان الخدمة المدنية، وفي مختلف الاجهزة الحكومية يعلمون تمام العلم أن برنامج توجيه الموظف الجديد موجود كأحد البرامج التي ينفذها معهد الادارة العامة منذ عام 1998 ضمن حزمة البرامج التدريبية التي أشار إليها نظام الخدمة المدنية، وأن المئات من الموظفين لا بل الآلاف قد التحقوا به، وما يزالون، منذ نحو (15) عاما. وهنا نتساءل: ما الجديد في ذلك؟ ولماذا تقوم وزارة تطوير القطاع العام بالحديث عن هذا الأمر الآن؟ وكيف تم تضليل مجلس الوزراء الموقر حتى انطلت هذه المسرحية عليه ليخرج الأمر على العلن على انه اختراع للعجلة وفتح الفتوح في عالم الادارة الحكومية في الاردن؟؟.
أمّـــا الأمــر الأكثر غرابة فهو ما ورد في صحيفة الرأي يوم الأثنين الموافق 20/5/2013 عن " بدء برنامج بناء القدرات القيادية في الجهاز الحكومي" حيث قدمت وزارة تطوير القطاع العام إلى الحكومة برنامجا يقضي ببناء قدرات موظفي القطاع العام مدعية أنه برنامج جديد متطور، ومتميز. وطلبت الوزارة، بناء على ذلك، تمويلا من "برنامج المساعدات الانمائي الأمريكي USAID". إن مسرحية ما يسمى ببرنامج " اعداد القيادات" والتي يتم بموجبها التعميم على وزارات ودوائر منتقاة، ليتم اختيار بعض العاملين فيها، ثم يخضعوا لبرنامج تدريبي يتم طرحه بناء على عطاء مشترك يطرح فيما بين الوزارة والوكالة المذكورة تطرح تساؤلات عدة، منها: ألا يعلم الجميع أن معهد الادارة العامة يقدم مثل هذا البرنامج منذ ما يزيد على 30 عاما، تحت اسم برنامج " دورة الادارة العليــا" والذي انخرطت به اعداد غفيرة من قيادات الجهاز الحكومي السابقة والحالية، والتي ساهمت في بناء الادارة الحكومية وازدهارها في السابق، وتقدم اليوم جليل خدماتها إلى الدول الشقيقة في الخليج العربي؟! وعلى أي أساس يتم انتقاء دوائر معينة وأشخاص معينين للالتحاق بهذا البرنامج "المتطور والمتميز" ولماذا تم الاستغناء عن برنامج "دورة الادارة العليا" الذي كان يسمح لجميع موظفي الحكومة الاردنية ممن تنطبق الأسس عليهم بالالتحاق بالبرنامج؟ ولماذا لم يتم دعم برنامج القيادات العليا الذي تنظمه كلية الدفاع؟ والسؤال الأهم ألا يمكن إعداد القيادات الأردنية إلاّ ببركات من الـ USAID وليس على الطريقة الأردنية؟ ومرة أخرى نسأل: كيف تم تضليل مجلس الوزراء الموقر؟.
يوم أمس أطلقت الوزارة، وكما تقول، المرحلة الثانية من نظام الشكاوى الالكتروني في القطاع العام وأن البرنامج كان قدأًطلق عام 2010 بمرحلته الأولى. فهل نسيت الوزارة أن هذا الموضوع برمته قديم جدا، وأنه كان قد تم اطلاقه منذ اكثر من (10) سنوات حينما كانت هناك وزارة اسمها وزارة التنمية الادارية واصبح اسمها فيما بعد وزارة تطوير القطاع العام؟!
ألهذا الحد بلغ التضليل مبلغه، فيتم إعادة إخراج تعرف ما هو موجود أصلا بصورة جديدة من خلال الحملات الاعلانية الدعائية لايهام الآخرين بأننا نعمل؟! ولماذا لم يتم الكشف عن هذا الفتح العظيم قبل أن يعلن جلالة الملك عدم رضاه عن أداء الجهاز الحكومي؟! ألا يكفي التضليل الذي مورس لتمرير مشروع الهيكلة تحت ذريعة أنه لن يكلف شيئا فكانت النتيجة كلفة مالية تزيد على 465 مليون دينار؟!
مما يؤسف له، أنه وعلى الرغم مما تحدث به صاحب الجلالة خلال الاحتفال بتوزيع جائزة الملك عبد الله الثاني لتميز الأداء الحكومي والشفافية يوم الأربعاء الموافق 9/10/2013 فان وزارة تطوير القطاع العام ما تزال تمارس التضليل، والتنصل من تحملها مسؤولية الترهل الاداري وتراجع الأداء الحكومي، من خلال الحملات الاعلانية والديماغوجية، والعمل على إعادة اختراع العجلة بدلا من اختراع عجلة جديدة، معتقدة أن الفهلوة والألفاظ المنمقة هي السبيل الوحيد للنهوض بالجهاز الحكومي، ومتناسية أن هناك قسما يؤديه أصحاب المناصب العليا عند توليهم المسؤولية، ينص على خدمة الوطن والملك باخلاص!!