الوطن حاضنة البشر والجماعات، هو الأرض التي يعيش عليها من يتشاركون معاً في قواسم مشتركة كالعرق واللغة وغيرها، هو الهواء الذي يتنفسونه، هو تاريخهم وحضارتهم الغابرة، هوكل ما فوق الأرض وتحتها، والأهم من هذا وذاك أن الوطن هو الإنسان الذي يعيش جنباً إلى جنب مع أخيه الإنسان مهما اختلفت أفكارهما ومهما اختلفت عقائدهما.
الوطن جغرافياً ومادياً هو مساحة الأرض التي تعيش عليها جماعة من الأفراد بحيث ترتبط هذه الجماعات معاً بروابط من أهمها القواسم المشتركة المعروفة بين الأفراد، فيقيمون على هذه الأرض ويعملون على إعمارها وزراعتها والتكاثر عليها وممارسة الأنشطة اليومية الاعتيادية. أما الوطن معنوياً فهو حالة العشق التي تنشأ بين الأفراد ابتداءً فلا أرض بلا أفراد، فالأفراد هم من يعطون للأرض قيمتها، وهو حالة العشق التي تربط الإنسان بالأرض ثانياً، وحب الوطن غير مشروط فمثلاً، لا يحب الإنسان وطنه لأنه الوطن الجميل المعطاء الطافح بالخيرات والملذات، فربما يكون هذا الوطن صحراء قاحلة لا ينضوي على أدنى مقوم من مقومات الحياة، ولكن الشعب متعلقون به لما لمسوه من دفئ في العلاقات وحميمية وحماية. وهذا قطعاً ليس مسوغاً للتقاعس والادعاء بأن حب الوطن يجب أن يكون بالدرجة الأولى في القلوب دون النظر إلى مشكلات الناس، فالإنسان عندما تمنع عنه احتياجاته الأساسية يتحول إلى كائن تتحكم فيه الغرائز، فالحاجات الأساسية كالأكل والشرب والجنس وغيرها مقدمة على أي شئ.
حماية الوطن والذود عنه لا تكون بالشعارات ولا تكون بالصورة التقليدية والمتمثلة بالجيش الذي يرابط على الحدود ويعمل ليل نهار على حماية الامن في البلد، بل يتعداه إلى مفهوم وتعريف ومعنى أوسع وأشمل بحيث تصبح هذه الصورة تحصيلاً حاصلاً. فحماية الوطن تكون أولاً بتحسين الأوضاع الاقتصادية للمواطنين، وذلك عن طريق حكومة قوية قادرة على إدارة شؤون البلاد وقادرة على قيادة عجلة التنمية بكافة المجالات، هذا أولاً، أما ثانيا تكون حماية الوطن بالتعليم وعدم اتباع سياسة التجهيل ونشر الثقافة في المجتمع وتحسين الأخلاق بين أفراد الشعب، ومن أهم هذه الأخلاق احترام الآخر أياً كان، فالوطن حاضنة كبيرة أكبر من حاضنة الدين أو العرق أو اللغة، فالأخ في الوطن قد يكون مختلفاً عرقياً أو لغوياً أو طائفياً أو دينياً وعند تأمين وحدة الصف الداخلي ستكون النتيجة الحتمية حماية الوطن من أي اعتداء خارجي يهدد أمنه وأمن مواطنيه. لهذا فالأمن وحماية الوطن وحبه ليست مجرد شعارات يتغنى بها البعض بل هي تطبيق عملي متعب وشاق.