نسمع كثيراً أو نقرأ كثيراً في تقارير إخبارية متنوعة عن مصطلح إقتصادي يسمى خط الفقر ، فما المقصود به ، حقيقة فإنه في العلوم الإجتماعية و الإنسانية يصعب أحياناً الإتفاق على رأي واحد ، و لكن بالمجمل يمكن الوصول إلى تقارب فكري إلى حد بعيد ، فتعريف ومعنى الفقر ليس متفقاً عليه بنسبة 100% في كل أنحاء العالم ، ففي بلد مزدهر جداً مثل سويسرا قد يعتبر فقيراً من لا يستطيع شراء منزل خاص أو مركبة خاصة ، أما في بعض بلدان العالم الثالث فإن مثل ذلك يعتبر ترهات! فمعظم الشعب لا يملك ثمن منزل خاص ، فلو طبقنا تلك القاعدة لكان 90% أو ربما أكثر من السكان فقراء !
إن البعض يربط كلمة الفقر بالإحتياجات الأساسية للفرد من مسكن ( أي كان : ملكاً أو إيجاراً ) و ملبس و مأكل و مشرب وعلاج و دواء وتعليم ونحوه ، و بعضهم يقصر مفهوم وتعريف ومعنى الفقر على عدم القدرة على تأمين الطعام ، و كثيرا ما يسمى مثل هذا النوع من الفقر بالفقر المدقع ( أي الفقر بالغ الشدة حتى يلصق صاحبه بالأرض أو بالتراب ) ، و مهما يكن من إختلاف ، فيمكننا للتوفيق بين وجهات النظر المختلفة بعمل ثلاث تصنيفات لخطوط الفقر ( حيث أن خط الفقر هو حد بين الدخل ما فوقه و الدخل ما تحته ) :
- خط الفقر الأولي : و هو أدنى حد من الدخل يجعله يفكر ملياً في توزيعه على مصارفه من المتطلبات الأساسية ، لأن خللاً ما في توزيعه من شأنه التأثير ونتائج على الشخص بحرمانه من شيء على حساب شيء آخر ، و مثال ذلك دفع شخص لأموال لدواء مرتفع السعر جدا تؤدي إلى تقليص حجم مشتريات الملابس لذلك الشخص.
- خط الفقر المطلق المدقع : و هو أسوأ من سابقه ، فهنا مع أن الشخص يوزع دخله بحصافة بالغة إلا أن الدخل مع ذلك لا يكفي لسداد ثمن الضروريات و الأساسيات فيضطر للدين أو بدء المفاضلة بين الأساسيات ، فيترك أحدها لحساب الآخر ، كأن يتوقف شخص عن شراء ملابس قطعيا حتى تصبح ملابسه رثة أو يتوقف عن ركوب المواصلات و يلجأ للمشي على قدميه و ذلك في سبيل توفير المال للطعام أو الدواء اللذان هما أكثر أهمية وفائدة من اللباس والتنقل ( اللذان هما من الضروريات أيضا )!
- خط الفقر الغذائي المدقع : و هو الأسوء على الإطلاق ، جيث لا يقدر الفرد عنده على تأمين ثمن طعامه و شرابه فقط ! و هذا الذي سوف يدفعه للدين أو ربما للإستجداء ، أو تقليص طعامه مما سيؤدي إلى إلحاق الأذى الجسماني به!