لا تخلو الحياة من وجود المُتضادّات فيها، ففيها الحلو والمُرّ وفيها السعادة والحُزن وفيها الخير والشرّ، وبين هذهِ الاختلافات يكون التنوّع، فأمّا الإنسان العاقل فهوَ الذي يَسلُك طريقاً يرتضيه لنفسه؛ بحيث تكون عاقبتهُ إلى خير وهناء عيش، ولكلّ إنسان طريقته الخاصّة للوصول إلى الخير، فمنهُم من يراه في إسعاد نفسه فقط دونَ النظر في الآخرين من حوله فيكون بهذا أنانياً لا يُحبّ الخير إلّا لنفسه فقط، ومنهُم من لايُحِسّ بالسعادة إلاّ إذا رآها قد ارتسمت على وجوه الآخرين من قبله، وهذا من شأن الأخيار والعُظماء في أخلاقهِم ونُبل نُفوسِهم وحُبّ الخير الصادق المُتجذّر في أصولهِم.
ويكون جلب الخير للآخرين وتحقيق السعادة لهُم بسعيكَ لتحقيق ذلك، وتقديم العون لهُم، وهذا مما حضَّ عليهِ الإسلام، فالدّين العظيم لم يُركّز على العبادات فحسب؛ بل أفردَ للمُعاملات اهتماماً بالغاً، وجعلَ عونَ الرجل لأخيه من أعظم الأعمال، والسعي في قضاء حوائجهم خيرٌ من الاعتكاف في المساجد، وليسَ هذا تقليلاً من شأن العبادات بل رفعاً لشأن وأهميّة المُعاملات.
ويكون نشر الخير بين الناس والمُجتمع ككلّ، وتقديم العون لمُحتاجهم من خِلال الأعمال التي يقوم بها الناس إمّا من تلقاء أنفسهم أو من خلال أجرٍ يتقاضونه كبعض الوظائف الخاصّة بخدمة الناس، ولأجل ألّا نقلّل من شأن أحد، فخدمة الناس أيّاً كانت مأجورةً كانت أم مجانيّة؛ فهي خير ونفع للمجتمع، وفي هذا الموضوع سنُسلّط الضوء على الخدمات التطوعيّة أو ما يُسمّى بالأعمال التطوعيّة.
العمل التطوعيّ
هوَ تقديم الخدمة لمُستحقّيها من خلال عملٍ مُنظّم ومبرمج من خلال رؤية إصلاحيّة خيريّة تقوم ببذل الطاقات فيها من أجل سدّ العوز لدى البعض وتحقيق التنمية للمُجتمع خصوصاً إذا أصبح هذا العمل سِمَةً عامة للمُجتمع، وأقبلَ عليه أصحاب الأفكار والأفعال من كافّة الفئات العُمريّة والاجتماعيّة.
فوائد العمل التطوعيّ
- نشر رسالة أنَّ الإنسان أخ للإنسان من دون عِرق أو لون، وبسعيكَ لتقديم الخدمة له فأنت تُعزّز هذهِ الأخوّة فتكون بذلك قد أزلت العوارض، وفتحت لغةً جديدةً للتواصل هي لُغة الخير والبذل والعطاء، ولغة المُساعدة إن احتجت إليك أو احتجت إليّ من دون مُقابل منك أو منّي.
- تحقيق التكافل والتضامن الاجتماعيّ، فكلّنا نمدّ يد العون لخدمة المجتمع ككلّ، فيكون العمل التطوعيّ بذلك قد وحّد الجميع على طريق واحد برؤيةٍ واحدة.
- استغلال طاقة الشباب في العمل التطوعيّ يصرفهم عن استغلالها في أمور قد تجلب لهُم الضرر، فيكون العمل التطوعيّ قد وجهَ بوصلة الخير لهُم نحوَ خدمة الناس والمُجتمع.
- قتل أوقات الفراغ والقضاء على الملل الذي قد يؤدّي للأعراض النفسيّة السلبيّة.
- مُساعدة أجهزة الدولة الخدميّة وإلقاء بعض العبء عنها؛ فالعمل التطوعيّ يُريح الجسم العام للدولة ويقودها للرخاء خصوصاً إذا أصبح العمل التطوعيّ ديدنَ الشباب ومنهجاً لهُم.
- القضاء على الفقر والجوع من خلال تقديم الخدمات العينيّة أو النقديّة للمُحتاجين.