لقد كان المسلمون في بداية ظهور الإسلام يتوجّهون عند إقامتهم شعائر الصلاة إلى أولى القبلتين وثالث الحرمين ، بيت المقدس في فلسطين المحتلّة ، ثم كان أن تغيّرت القبلة لتصبح شطر مكة المكرمة والتي فيها الكعبة المشرّفة حيث أوحى الله إلى الرسول الكريم أن يتوجه في إقامته لشعائر الصّلاة نحو المسجد الحرام ، كما ورد في الآية الكريمة : "قد نرى تقلُب وجهك في السماء فلنُولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثُ ما كُنتم فولوا وجوهكم شطرهُ" .
ونلاحظ أن التوجّه إلى القبلة في الإسلام أحيانا يكون واجباً وأحيانا يعتبر أمراً مستحباً، ونجد أن عملية استقبال القبلة تكون أثناء القيام بأداء فريضة وسنة الصلاة، وكذلك يتم استقبال القبلة عند الصلاة على المتوفى ويتم استقبالها كذلك عند القيام بذبح الحيوانات وكذلك عند النوم ، فكيف يتم معرفة اتجاه القبلة بشكل عام ؟
كون طبيعة شكل الأرض هو أنها كروية فلابد من تحديد الدائرة العملاقة هنا والتي نجدها تعمل على وصل الكعبة مع ذلك المكان الذي نريد تحديد اتجاه الكعبة من عنده ، بعد ذلك نقوم بتحديد تلك الزوايا التي تقوم بربط هذه الدائرة مع مختلف الأماكن والبقع والجهات الجغرافية ، وقد دأب ما يسمى حالياً بالبرنامج الفلكي الإسلامي على القيام بهذا الأمر بدقة متناهية ، وبعد أن نقوم بإجراء ما تم ذكره سابقاً نعمل على تحديد المواقع والجهات والأماكن الجغرافية لتلك البقعة التي نحن فيها ونتقيد بالإنحراف عنها بمقدار يساوي زاوية القبلة، ولكن على العموم يظل من أسهل وأبسط الطّرق للحصول على الإحداثيات الصحيحة والمطلوبة يتم عبر استخدام البوصلة، حيث من خلالها يتم تحديد اتجاه الشمال المغناطيسي واتجاه الجنوب المغناطيسي ، والإختلاف بينهما وبين جهة الشمال وجهة الجنوب التضاريسي يسمى بالإنحراف المغناطيسي ، وقد تم احتساب هذا الفرق من قبل المجمع الإسلامي لتحديد موقع القبلة بدقة . ومن الطّرق المستخدمة أيضا لتحديد اتجاه القبلة هو استخدام موقع الشمس وموقع القمر والعلاقة بينهما ، حيث يتم من خلال هذه العلاقة تحديد موقع القبلة بدقة متناهية .
ولكن في عصرنا الحديث ومع انتشار استخدام الخلويّات الحديثة المدعّمة بخدمة تحديد المواقع ، بات تحديد موقع القبلة أبسط وأدق وأسرع بكثير من كل ما ذكر أعلاه .