الحجاب في اللّغة هو الحَجب؛ أي السّتر والمنع، واصطلاحاً هو ستر المرأة جميع بدنها وزينتها عن الأجانب لتمنعهم من النّظر إلى أي شيء من بدنها أو زينتها، ويكون استتارها باللّباس والبيت. والمقصود بالأجانب هُنا هم كل رجلٌ خارج نطاق المحارم، فلا يحلُّ لسواهم أن يروا شيئاً منها. والحجاب هو فرضٌ على كل مسلمة أن تلتزم به وذلك لقول الله سبحانه وتعالى في كتابه مخاطباً النبي صلى الله عليه وسلم ( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيما)، في هذه الآية الكريمة توضيح إجمالي لفوائد الحجاب وسبب فرضه على نساء المؤمنين. فقد كان النساء في السابق يخرجن لقضاء حاجتهم في اللّيل، وكان هناك من ضِعاف النفوس من يتربّص بهن، فإن رأى امرأة محجّبة رجع لأنّها يظنها حرة، فإن كانت غير محجبة قالوا تلك أمّة فيهجمون عليها.
فالحجاب حفظ للعرض وستر للجسم وطهارة للقلب، فهو يدفع ما هى اسباب الفتنة والريبة عن المرأة المؤمنة، ويحفظها من أعين النّاس، ويبعدها كل أمور قد تقودها إلى الشبهات وترمي فيها للمحرمات؛ مما يؤدي إلى أن تكون القلوب نقية صافية مليئة بالتّقوى والطهارة، كما في قوله تعالى (ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ). والحجاب من العفّة والحياء، والحياء شعبة من شُعب الإيمان، والمرأة التي تُظهرُ جسدها للعامة تكون قد فقدت جزءاً أو كُلاً من حيائها، حيث تكون قد ابتذلت نفسها وانحدرت إلى ألسُن البشر والشائعات.
والحجاب كذلك يمنع انتشار السّفور والإختلاط، ويزيل الشبهة من النّفوس ويُروِّض النفوس المريضة. واللباس أصلاً هو أداة للستر وإخفاء العورات، كما قال سبحانه وتعالى (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ)، فالستر خير والعفة خير، ولا خير في سواهم لأنها من دعوى التبرج والسفور، وهي دعوة خارجة عن كل ما نعرفه من ديننا الحنيف وعاداتنا وتقاليدنا أيضاً. كما أنّ الحجاب يحفظ الأعراض؛ فهو يحفظ الغيرة أيضاً، فهو دليل على وجود هذه الخصلة التي شارفت على الإنقراض فينا، فكلٌ يغارُ على محارمه ومستعدٌّ لبذل النَّفس في سبيل الحِفاظ عليهن، وهذا لا يأتي لامرأة تخرج لا يستر جسمها ربع متر قماش.
لا أنتقدُ أحداً ولا أُصدر أحكاماً على أحد، لا أدَّعي العفّة لكل محجبَّة ولا العُهر في سواها، فكم من محجبات أسأنَ للحجاب بارتدائهن له، وكم من غير محجّبة لا يفصلها عن مكارم الأخلاق شيء. الفوائد المذكورة ليست أنّها تنعدِمُ لدى سواهن من النساء، بل هي تزيد عمَّا لديهن. الحجاب رِفعة لمن أرادت، وإضافة لما عندها وليس مفترق طرق.