يعتبر النّفاق أحد الأخلاق القبيحة، قد انتشر في وقتنا كانتشار النار في الهجين، خلق متشعب ومتفرع، ومن ابتلي بهذا الخلق فهو على خطر عظيم، وقد يبتلى به الإنسان دون أن يدري أو ربما يعلم أثاره القبيحة المزرية، وقد خاف النفاق أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خشية الوقوع به، ويعرف النفاق لغتا مشتق من نفق أو المسلك الذي يتّخذ منه طريقين، والنفقاء جحر الضب واليربوع، والمنافق هو الإنسان الذي يظهر الخير والإيمان وباطنه الكفر وكره الخير للآخرين، ويعرف النفاق اصطلاحا الذي لا يبتعد كثيرا عن التأصيل اللغوي وهو إظهار الإيمان وإبطان الكفر.
وهناك علامات و دلائل عدة للنفاق وهي متأصلة من حديث النبي عليه الصلاة والسلام (آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب وإذا وعد اخلف وإذا اؤتمن خان) ويتضح من الحديث الشريف الخصال البارزة للنفاق.
والنفاق نوعان : النفاق الأكبر وهو الذي يدخل صاحبه في الكقر ويخرجه من ملة الإسلام، وهو ما تعلق بالقلب، فصاحبه يظهر الإيمان ويبطن الكفر، وإما النوع الثاني من النفاق فهو النفاق العملي، ولعل ما أشار إليه الحديث السابق كدليل مفصل لهذا النوع من النفاق، والذي لا يقتصر على القلب فقط كتعرف ما هو بالنفاق الأكبر بل ما ظهر على الجوارح من فعل مخالف لما أوصت به العقيدة الإسلامية، حيث يبدأ النفاق بالكذب وخيانة الوعود ويتدرج ليصل إلى الغفلة عن الله سبحانه وتعالى وعدم الخوف منه.
وآثار النفاق وخيمة، وعقابه معجل به في الدنيا قبل الآخرة ، فقد بين الله في محكم كتابه مدى العذاب المعد للمنافقين في الدنيا والآخرة، كما أمر الله رسوله في سورة التوبة وغيرها من المواضع القرآنية بأساليب التعامل مع المنافقين، وأوضح صفاتهم ومنها الرياء والفرار في الحرب والتثاقل في أداء الصلاة وخاصا صلاتين الفجر والعشاء.
وقد حث الإسلام في مذهبه العملي على ضرورة تجنب النفاق فهي صفة قبيحة قد تؤثر على سلوك العبد في مجتمعه الإسلامي ، وعندها تنفر منه الناس لما ترى منه من أخلاق قبيحة، ولتوخي الوقوع في النفاق وللوقاية منه، فعلى الإنسان المسلم ان يحرص على مراقبة الله عز وجل في السر والعلانية، وتطبيق المبادئ العملية للدين السامي والإخلاص في العبادات، وكذلك الخوف من النفاق يجعل الإنسان قريبا من الله سبحانه وتعالى، وعلى الإنسان ان يحرص على تلاوة القران والعمل بإحكامه والأدعية المأثورة ، واستحضار ما أعد الله لعباده التائبين المخلصين من نعيم دائم وما أعد للمنافقين من عذاب يوم القيامة.